الاستشهادية البطلة هنادي جرادات تروي التفاصيل الكاملة لجريمة اغتيال شقيقها وابن عمها
لم تكن هنادي الشاهد الوحيد على ذلك المنظر المروع فإلى جانبها كانت زوجة الشهيد المجاهد صالح جرادات وطفله الوحيد الذي لم يتجاوز الثانية من عمره وجميعهم عاشوا تلك اللحظات القاسية التي جعلت الزوجة غير قادرة على الكلام حتى بعد ثلاثة أيام من استشهاد زوجها .
مساء يوم الخميس 13/6/2017 حضرت زوجة المجاهد صالح جرادات التي تسكن قرية السيله الحارثية مسقط رأسه للاطمئنان عليه ومشاهدته فقد مر عليهما زمن طويل لم تشاهده وطفلها الوحيد فالاحتلال -تقول هنادي – يطارد زوجها ويلاحقه منذ فترة طويلة ويتهمه أنه قائد سرايا القدس الجناح العسكري للجهاد الإسلامي وتضيف يوميا كان يتعرض منزلهم للدهم وتلقت عائلته عشرات التهديدات بتصفيته مما حرمه ابسط حقوقه في الحياة وحتى طفله الوحيد لم يشاهده سوى مرات محدودة فحياتهم كانت صعبة .
وتتذكر هنادي «الظلام دامس وكنا نجلس ونتحدث وفجأة توقفت السيارة بيضاء اللون فكرت انه صديق صالح ولكن ولم تكد تصلنا حتى خرج منها شخصان وأطلقوا النار فورا على صالح وبلمح البصر حضرت سيارة أخرى وهي أيضاً عربية وانضمت لإطلاق النار ارتمينا أرضاً وحملت زوجة صالح الطفل وهربت للبيت أما أخي فادي فوقع أرضاً شاهدته ينزف فأمسكت بيده وبدأت اسحبه خلف الكنبة التي كنا نجلس عليها لنتقي الرصاص وبدأت اصرخ فادي صالح, سمعت فادي يتحدث بصعوبة ساعديني أنقذيني», وتضيف «بعدما توقفت ربع ساعة لان الدموع خنقت كلماتها واصلت سحبه فإذا بأحد المسلحين منهم يهاجمني القاني أرضاً وانتزع فادي مني وقال لي ادخلي البيت وإلا سأقتلك…».
رفضت هنادي الانصياع لأوامرهم وتضيف «صرخت بهم اتركوني أريد إنقاذ أخي انه ينزف فهاجموني كان صالح ممدد دون حراك ويبدو أنهم أصابوه برأسه أما فادي فلا زال يتحرك، ولكن ثلاثة منهم كانوا يتحدثون العربية بطلاقة هاجموني وسألوني أين سلاحه فقلت لا أعرف ولا يوجد سلاح الله -أ كبر عليكم – سيموت » .
جريمة القتل لم تكن كافية فالقوات التي حضرت للموقع تقول هنادي احتجزتني وانتشرت حول المنزل وقامت بتفتيشه ثم صادرت الجثمانين, ولدى تسليمهما تبيّن أنهما تعرضا لإطلاق نار في سائر أنحاء جسديهما.
إرادة وتحدي
وقع الخبر كان قاسيا على تيسير جرادات والد الشهيد فادي الذي أمضى حياته في تربية أسرته وقبل ان يحقق حلمه وفرحته بزفاف فادي قبل رحيله لان المرض تمكن منه وجعله عاجزا عن الكلام والسير بشكل طبيعي ومع ذلك اصر على ترك العلاج والمستشفى وعاد من الأردن ليتقدم مسيرة نجله ويقول انه يفتخر بكون ولده شهيدا ومجاهدا في حركة الجهاد الإسلامي وأضاف حزنت على رحيله ولكن هناك هدف اكبر وأسمى وأعظم انه الوطن المغتصب وفلسطين الأسيرة وبكل فخر واعتزاز أزف ابني شهيدا لفلسطين التي باعها الحكام الخونة وأضاف ليتني كنت فداءاً لفادي، فجريمة الاحتلال دمرت أسرتي فهو المعيل الوحيد لها خاصة وان المرض نال مني ويهدد حياتي فانا مريض بالسرطان وولدي كان يتولى رعاية شقيقاته واليوم يتضاعف همي وأنا معرض للموت في كل لحظة قلق ومضطرب على مصير عائلتي التي ليس لها معيل أي قانون يجيز هذه الأعمال والممارسات والجرائم وأضاف وهو يبكي بشدة أموت كل لحظة ألف مرة قلقا على مصير أسرتي التي تحطمت برحيل فادي .
أما هنادي فتغلبت على حالة الحزن وأطلقت زغرودة في وداع شقيقها وقالت دم فادي لن يذهب هدرا وسيدفع القاتل الثمن ولن نبكي وحدنا فسحقا لكل العالم إن لم يعش شعبنا بحرية وكرامة ونحقق حلم وأهداف الشهداء .
ولم تتمكن زوجة الشهيد المجاهد صالح جرادات من التفوه بكلمه واحدة فلا زالت تعيش أجواء الصدمة الرهيبة وتعانق بطفلها بحرارة لتخفف عنه صورة المنظر المروع فقد قتل والده أمامه ويقول أقاربها أن الصدمة كانت شديدة جدا عليها فقد نزف زوجها أمامها وعلى بعد أمتار منها ومن طفلها ولم تتمكن من إنقاذه ومساعدته .
وتزين بيت عزاء الشهيدين في جنين والسيله رايات الجهاد الإسلامي وصور الشهيدين وبيان سرايا القدس الذي يعلن ان صالح كان ابرز قادة السرايا أما فادي فكان من مجاهدي حركة الجهاد ونشطائها حتى استشهاده.