التصنيفات
دار تحفيظ القرآن

تجربتي في التحرك بالقرآن.. طريقة سهلة


تجربتي في التحرك بالقرآن


هي دعوة عملية للتعامل مع القرآن العظيمبشكل تطبيقي وبنظرة تغير كل شيء في حياتنا لما يحب الله ويرضى، دعوة لنعيش جنةالدنيا، دعوة للتعامل مع آيات القرآن الكريم بشكل عملي تطبيقي فلا نكتفي بمجردتلاوته ثم حبس آياته بعد ذلك بين دفتي المصحف،
دعوة لإخراج الآيات لتثير القلبفينبض بها، فتتحرك بها الجوارح.

أي: نتحرك بالقرآن، فعندها سيكون كتاب الله ربيعاً للقلب وذهاباً للهموجلاء للحزن.
سنتكلم عن تجربة حية واقعية اشتركت فيها مجموعة من النساء تمتوجيههن وتدريبهن على كيفية التطبيق العملي لآيات القرآن الكريم، وكانت نتائج هذهالتجربة ناجحة جداً وذلك من واقع روايات النساء أنفسهن وكيفية تعاملهن معالآيات.

كانت من أنشط الأخوات بالمسجد بشوشة الوجه مبتسمة الثغرأينما ذهبت نثرت من كلماتها زهرات فواحة الرائحة تنزل برداً وسلاماً على من يلتقيهاويتعامل معها، ولكن بعد فترة لاحظت ذبول كلماتها وقد خف نشاطها. وشحب وجهها، بلودوماً تشكو من أمراض عضوية لا نكاد نرى لها أثراً على أعضائها وأحببت أن أختليبها، وهي من ضمدت كثيراً من الجراح، لعلي أسري عنها أو أكون لهاسنداً.

وبالفعل دبر لنا القدر الكريم موعداً، ولمأحتج إلى كثير من المشقة لتتكلم وكأنها كانت تنتظر هذا اللقاء بل وكأنها تعد لهعداً، نظرت إليَّ وقالت: والله يا أختاه أشعر بكرب عظيم وكأن الرياح العاتية تحملنيوتصعد بي ثم تلقي بي من عل، وتحملني وتدور بي فلا أكاد أدرك أين مكاني، فكل شيء فيحياتي على ما يرام والحمد لله أقوم بتربية أولادي كما تعلمين ويعلم الجميع على كتابربي وسنة رسول ومن قبل كان اختياري لزوج صالح يقدم لي معونة العلم والحكمة والخوفمن الله وقد كان كذلك، وأفضل.

انزوىوحيداً
وسارت بي الأيام على أحلى ما يتمنى المسلم ويرضى، كذلك أولادي منذكور وإناثكانوا أكثر مني حباً لدينهم، ثم حدث ما تصورت به نفسي كجمل يريد أن يلجفي سم الخياط. وهيهات أن يحدث ذلك! فإن أحد أولادي الذكور كان يصلي، في المسجد، معأخلاق كريمة حب للخير ولا تكادي تسمعين له صوت، وفجأة تغير كل شيء فأصبح صوته كصوتالرعد ليس فقط على من بالمنزل، بل تعدى الأمر والده، أما الصلاة فبالكاد يا أختاهيصلي الفروض، وبعد أن كان محبوباً، أصبح الجميع يتحاشون التعامل معه بل ولا يحبونذلك على الإطلاق، فانزوى وحيداً في حجرته لا يكاد يبرحها، وإن ألححت عليه بالخروجوالجلوس معنا ندمت على ذلك أشد الندم فهو يتحرش بالجميع ويتصور أنه هو المظلوم وكلمن حوله على جميع المستويات، هم من ظلموه، وكلما هممت بعمل ما يُرضي ربي وجدته فيطريقي، ابني فلذة كبدي يستغرق كل وقتي وليت ذلك بفائدة تُرجى، ولن أقول المزيدفسبحان مغيِّر الأحوال ومبدل الإنسان، ولكني لا أخفي عليك، فإن كل تفكيري مع هذاالولد، لا أريد أن يأخذه مني الشيطان وهو من سهرت عليه الليالي الليلة تلو الأخرى،معلمة شارحة مهذبة. وسأوجز لك يا أختي ما وصل إليه أمري: إن إخوته وأخواته لايريدون صحبته على الإطلاق، ولا يريدون حتى الحديث معه، فتصوري حالي: أصلح بين الناسولا أستطيع إصلاح أمر بيتي ومع أقرب الناس إلى قلبي.

حالة في كثير من البيوت
تنهدت تنهيدة مؤلمة لأم تشعربمسؤولياتها الكبيرة ويرهقها شأن أولادها، جلست قريباً منها وقلت لها: حبيبتي إنهذا ليس شأنك وحدك، ولكن كثيراً من الأسر الملتزمة تبتلى بشاب أو فتاة من أولادهاوقد ابتعد عنهم بزاوية منفرجة في الأقوال والأفعال، ويحدث ذلك غالباً في الفترةالتي يُطلق عليها فترة المراهقة، هذه السن التي تتفجر فيها طاقة الفتى، فقد ينضجالشاب بصفة خاصة بكل عنفوان وتلازمه كلمة لا، والقرآن يروي لنا قصص فتية في القرآنالكريم تفجرت طاقاتهم وعنفوانهم في رفض الباطل، فقد قالها إبراهيم ويوسف عليهماالسلام وفتية أهل الكهف وفتى الأخدود، فليست هذه مشكلة على الإطلاق، أن يعترض ويقوللا إلا إذا قالها في الاتجاه المعاكس، مثل لا التي قالها ابن نوح، هنا نسمع نفيرالخطر وهذا ما يؤرق الآباء والأمهات، ويسألون أنفسهم: ترى أيًّا من هذه اللاءاتستكون ملازمة لأولادهم؟! أعلم أنك حاولت أن تدخلي إلى نفس ولدك ولكنه قابلك بالصدودوالجفوة المصحوبة بالغلظة، وبالتأيد حاول والده بشتى الطرق أن يرده إلى الطريق،ولكن كل محاولاته باءت بالفشل الذريع إن لم يزدد الأمر سوءاً بسببمحاولاته.
قالت الأخت: والله هذا ما حدث وكأنك كنت معنا.

قلت لها: إذن ليس لنا ملجأ إلا الله، وقد يسَّر لنا سبحانه ما يهوِّن علينا ما نعاني منه، بلجعل معنا الدليل ليمسك بأيدينا فإن اتبعناه كان في ذلك حل جميع مشكلاتنا.
قالتالأخت بشغف شديد: أعدك ألا أترك يدي أبداً تفلت من يد الدليل، المهم دليني بأيالآيات القرآنية ستكون حركتي وصحبتي.
قولها أثلج صدري فهي أخت أحسبها منالصادقات.
فقلت لها: ليس أمامنا إلا اللجوء لقول الله سبحانه: ومن يتق الله يجعل له مخرجا(2) (الطلاق).
فكل الطرق كماترين موصدة وليس لك مخرج إلا بالتقوى وليس معنى ذلك أنك لا تتقين الله ولكنمعناه

قاطعتني قائلة: أفهم ما تريدين قوله سأجعل إن شاء الله تعالىالتقوى في صحبتي أينما حللت وذهبت وستكون معي في أقوالي، بل سأجعلها توجه فكري. استأذنت الأخت الكريمة ومدت يديها إليَّ مودعة وهي تقول: ومن يتق الله يجعل لهمخرجا (2)، صدق ربي وبقي أن أصدق مع ربي ليتحقق وعده لي، ودعتها وأنا أدعو لها منقلبي بالتوفيق والنجاح، فهي تجارب نخوضها وفي كل تجربة نسأل فيها الرحمن أن يكللجهودنا بالنجاح.

مرت الأيام والشهور والسنوات، والأخت باقية على العهد،وكلما التقينا رددت نفس الآية وسألتني أن أدعو لها بالثبات، بل كانت تسأل كل منتقابله، أن يدعو لها بالثبات، وبعد أن كان شاغلها الشاغل تصرفات وأفعال ولدها، وبعدأن كانت دوماً تسأل الناس أن يهديه الله، أصبح شاغلها الشاغل: كيف تحقق في نفسهاالتقوى، وقد كان لها تجارب سأذكر بعضها نقلاً عنها، بعد أن كانت ترفض أن تروي لناأياً من تجاربها حتى يحقق الله لها الرجاء بهداية ولدها، وبعد أن منَّ الله عليهاوأكرمها بهدايته تهاوت حججها وبدأت تخرج من صمتها.

أريدإنقاذ ابني
فروت لنا في المسجد ماكان من أمرها وقالت: حاولت يا أخواتي أن أغيِّر كل أحوالي، حيث فكرت قليلاً:
فإنكنت حقاً أريد إنقاذ ابني من شيطانه لِمَ لا أضيف على صلاة الفجر قليلاً من قيامالليل؟ وبدأ الأمر بركعتين قبل الفجر، وصلوا إلى ثماني ركعات، جعلها الله لي فردوسالدنيا وكنزها، وحاولت أن أزيد من قراءة صلاة الفجر مما جعلني أزيد من حفظي لكتابالله، ومهما وصفت ما شعرت به من نعيم وراحة وهدوء فهو هدوء لا يشعر بدرجته إلا منيحفظ القرآن، وحاولت أن أصادق الهدوء في تعاملاتي اليومية خاصة مع أولادي، بل حاولتجاهدة أن أصل إلى مرضاة ربي عن طريق مرضاة زوجي، وكنت أفعل ذلك.. فكل طاعة قدمتهالزوجي لم أكن حينها أرى سوى ربي، وكم يشعر الإنسان بسعادة حقيقية عندما يفعل ذلك،فهو يعمل العمل وهو ضامن أجر المالك المطاع، المهم أن يتقبله وهو ما كنت أحاولهبإخلاص العمل أولاً وكثرة الدعاء إلى المولى أن يتقبله ثانياً، ولا أخفي أبداًمشاعري الرائعة، وكم كانت مستوياتي الروحية مرتفعة، فقد كنت أشعر وكأني أطير علىالأرض طيراناً، وبدأت أعيد حساباتي في علاقاتي بجيراني وصديقاتي، وأوصلت ما كان قدقُطع من صلة أرحام، وكم هو أمر جميل أن كل مكان تذهبين إليه تشعرين بوجود الخالقمعك وتستشعرين رؤيته إياك، وسماعه لك، فإن هذا ما شعرت به من تقربي إلى الله قرباًلم أكن أحلم به، فقد أصبحت أدعوه بحب ورجاء.. اختلط شوقي بخوفي ورغبتي برهبتي،مشاعر ممتزجة تجعل محصلة امتزاجها سعادة يغبطنا عليها كل من حُرم منها، قالت لهاإحدى الحاضرات: هل يمكنك يا أختاه أن تسردي لنا موقفاً مررت به تجسدين لنا فيهمشاعرك تلك لعل الله ينفعنا بك.

قالت الأخت الراوية: سأروي لكمموقفاً من تلك المواقف، ففي يوم تكالبت عليَّ هموم كثيرة وشعرت بضيق شديد وقد تعلمتمن القرآن أنني إن حدث ذلك ألزم التسبيح لعل الله يفرج كربي.. فهداني سبحانه إلىصلة الرحم وذكرني بالحديث وأخذت أردد: "إني خلقت الرحم واشتققتله اسماً من اسمي.. فمن وصله وصلته ومن قطعه قطعته"، فارتديت ثيابي وجعلتمقصدي أحد أعمامي، وبعد وصولي إلى منزله لم أستخدم المصعد كعادتي وصعدت على الدرجوأنا أقصد ذلك، فكلما صعدت درجة ناديت ربي وقلت له: اللهم إني وصلته كما أمرت فصلنيكما عدت وأسأله حل مشكلتي.. وظللت على هذا الحال حتى وصلت إلى باب عمي، وعندما فُتحلي شعرت وكأن الله قد فتح لي باب الرحمة فدخلت عليهم متهللة مستبشرة، وفي طريقعودتي لمنزلي شعرت بسكينة غمرت كل أعضائي فوهبت لي الهدوء والطمأنينة وزادني سبحانهبأن هيأ لي من كان سبباً في حل مشكلتي وشعرت وكأن هذه المشكلة كانت سحابة صيف سرعانما انقشعت، وزادني سبحانه بحمد له وشكر مما زاد من أنسي به، وزادني سبحانه بشعورعميق يملأ نفسي بالامتنان الشديد لله وحده، وهذا المزيج من رحمة الله يجعل في صلاتكلذة وفي فؤادك يقيناً، وفي صومك نقاءً، وفي صدقتك رضاً.

فرج الله
وأضاف الأخت إني عندما أعمل العمل لا أبتغي به إلاوجه الله كما أمر سبحانه أشعر بقربي من ربي وكأني سجدت له ألف ركعة تطوعاً، إنتجربتي جعلتني أفرق بين إيماني التقليدي الوراثي وبين إيماني اليقيني الأساسي بعدأن صاحبت الآية الكريمة: ومن يتق الله يجعل له مخرجا (2).

فقد تبدلت أحوالي لما جعل من أمري يسراً ومن همي فرجاًوتذرعت بالصبر في تعاملي مع ابني.. السبب الرئيس لما هداني الله إليه من خير، وكنتكثيرة الدعاء لابني في سجودي وفي كل لقاء مع ربي، وانقضت السنوات سريعة، وفي الوقتالذي أذن به الرحمن رد عليَّ ابني رداً كريماً، وعاد الود والوفاق بينه وبين إخوتهبفيض من نعماء الله عليَّ وعلى والده.
نعم رده إلينا رداً كريماً بفضله، ورحمتهوكرمه وجوده سبحانه، وأنا أشهدكن جميعاً أنه لا حول لي ولا قوة فيما أتاني من خير،ولكنه فضل الله يهبه لمن شاء في الوقت الذي يشاء وكانت دموع الأخت تنساب علىوجنتيها فرحاً بفضل الله سبحانه ولم تشعر كل من كانت بالمسجد إلا وهي تمسح عن وجههاالدموع، وأرادت أن تهنئ الأخت بنتيجة تحركها العملي التطبيقي الفعلي بالآيةالكريمة. إن أغلب مشكلاتنا إن لم نحصرها في سبب واحد وأحطنا بها من كل الاتجاهاتسيحالفنا بمشيئة الله التوفيق في حلها.


منقول لعيونكم..

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.