أثقلته الأيام بالأحزان …
شعرت الام بضعف و وهن في جسدها يسري ..
لم يجزع صغيرها أول الأمر لما بدا على أمه من اعياء …
و رجا أن تزايلها آلامها …
.. هدأت العاصفة …
فأحست الأم أنه الأجل المحتوم …
تشبتت بوحيدها معانقة ..
و انهمرت الدموع من عينيها
و ببراءة الطفولة .. أخذ يجفف دمعها بيد لطيفة ..
مستمرئا لذة الحنان الغامر …
فجأة ..
تراخت يداها ..
و تيبست شفتاها …
حدق فيها …
فراعه أن بريق عينيها يوشك أن ينطفئ …
و أن صوتها يخفت رويدا رويدا …
فتضرع اليها أن تكلمه … أن تنظر اليه ..
التفتت اليه
حدقت بوجهه
و همست …
كــــ,,,ـــل حـ,,,ــي ميـــ,,ــت
و ذاب صوتها في سكون العدم
و خيم على الكون صمت رهيب …
مزقته بعد حين …صرخة صبي مفجوع …
انحنى على جثة أمه يناديها فلا تلبي النداء
التفت لكنه لم يجد أحدا ليسأله عن سر هذه الحياة التي انطفأت
و الجسد الذي همد و برد
و الصوت الذي فني و ذاب
ثم تناهى اليه صوت من بعيد
من أعماق ذاكرته
ليجيبه ..
انه الموت …
ذاك الذي خطف أباك و جرع أمك كأس الترمل
ذاك الذي يطوي الأحباب في جوف الثرى …
فلا رجعة لهم بعد و لا لقاء
ذاك الذي يمضي بالمسافر الى حيث لا عودة و لا مآب …
و تلفت اليتيم حوله حائرا …
و مد بصره المجهد الى الأفق البعيد
فاذا قطع ممزقة من غيوم شاحبة
و سماء واجمة زرقاء باكية
و الكون كأنما غشيته غاشية من الخوف
و الرهبة في حضرة الموت
هناك آب اليتيم الى أمه …
يحدق فيها صامتا واجما …
يود لو يرحل معها …
تحياتي
* درة الشرق*