نكمل ما بدأناه في رسالة الشيخ محمد بن إبراهيم والمسماة رسالة تحكيم القوانين
يقول الشيخ رحمه الله تعالى:
ثم انظر كيف ردت الآية الكريمة على القانونيين ما زعموه من حسن زبالة أذهانهم،ونحاتة أفكارهم،بقوله عزوجل((ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون))
كل كلامهم هذا هو زبالة أذهان ونحاتة أفكار..كلام ساقط لا قيمة له أبدا.."ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون"
لا أحد بكل تأكيد..
يقول الشيخ رحمه الله:
قال الحافظ ابن كثير في تفسير هذه الآية: "ينكر تعالى على من خرج من حكم الله المحكم المشتمل على كل خير،الناهي عن كل شر،وعدل إلى ما سواه من الآراء والأهواء والاصطلاحات،التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله ،كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات والجهالات،مما يضعونها بآرائهم وأهوائهم،
هنا ينقل لنا الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله كلاما نفيسا لابن كثير رحمه الله..ضرب فيه ابن كثير بمثالين الأول ما ذكره من مما كان يحكم به أهل الجاهليه من أهوائهم وآرائهم..كما كان يفعلون في مجنة وعكاظ..وكما كانوا يتحاكمون إلى الكهان..أو يذهبون إلى شيخ القبيلة فيحكم بينهم أو إلى الأزلام يضربونها فإن ظهر كذا فهو كذا وإن هر كذا فهو كذا..ونحو ذلك..
ويكمل الشيخ ما نقله من كلام ابن كثير رحمه الله:
وكما يحكم به التتار من السياسات الملكية المأخوذة عن ملكهم "جنكيز خان"الذي وضع لهم كتابا مجموعا من أحكام قد اقتبسها من شرائع شتى من اليهودية،والنصرانية،والملة الإسلامية،وغيرها.
وفيها كثير من الأحكام أخذها من مجرد نظره وهواه
هنا ننظر إلى فقه ابن كثير رحمه الله تعالى بواقعه وتنزيله للأحكام على واقعه..إذ أنه ضرب لنا مثلا آخر من واقعه وهم "التتار" وملكهم جنكيز خان..
من يدرسون القانون يجدون دائما أن أي قانون يوضع تضمن به مستمداته التي أخذ منها فمثلا يقال أخذ من القانون الفرنسي ..وتوضع به في آخره المصادر إذا لم يوجد فمثلا إذا لم يوجد حكم بهذا القانون فإنه يرجع إلى كذا وكذا..فعادة القانونيين يرجعونه إذا لم يوجد حكم للشيء بالقانون الذي وضعوه يرجعونه إلى القانون الطبيعي أو مباديء العدالة كما يسمونها..أو أحيانا إلى الشريعة الإسلامية..يعني يجعلون الشريعة الإسلامية مصدر احتياطي ..وليس هو أول المصادر الاحتياطية كلا فغالبا ما يكون هو الثالث أو الرابع..يعني كما يقول المثل "حشف وسوء كيل"..فالأحكام تؤخذ من هذا القانون فإن لم يوجد فيرجع إلى العرف فإن لم يوجد فإلى القانون الطبيعي فإن لم يوجد فإلى الشريعة الإسلامية..أما جنكيز خان فهو أكثر من ذلك فقد استمد قوانينه الموجوده في كتابه المسمى "الياسق" استمدها من اليهودية والنصرانية والشريعة الإسلامية بل كثير من الأحكام استمدها من الشريعة الإسلامية بالإضافة لما استمده من هواه..
فجنكيز خان جعل الشريعة الإسلامية مصدرا أساسيا وليس احتياطيا كما يفعل كثير من القانونيين في زماننا..ومع ذلك انظروا كيف ينكر عليه ابن كثير رحمه الله تعالى..ولم يقل يكثر خيره أنه جعل الشريعة أحد مصادره الأساسية ..أو الحمد لله أنه على الأقل جعلها مصدر أساسي ..كلا كلا..بل ينكر عليه أشد الإنكار..ويكفره..
ويكمل كلام ابن كثير رحمه الله:
فصارت في بنيه شرعا متبعا يقدمونها على الحكم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم،فمن فعل ذلك فهو كافر يجب قتاله،حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله،فلا يحكم سواه في قليل ولا كثير.قال تعالى ((أفحكم الجاهلية يبغون)) أي :يبتغون ويريدون،وعن حكم الله يعدلون.((ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون)) أي :ومن أعدل من الله في حكمه،لمن عقل عن الله شرعه وآمن به وأيقن،وعلم أن الله أحكم الحاكمين،وأرحم بخلقه من الوالدة بولدها،فإنه تعالى هو العالم بكل شيء،القادر على كل شيء ،العادل في كل شيء" انتهى كلام الحافظ ابن كثير .
فانظروا كيف أن ابن كثير رحمه الله جعل الحكم عليه واضحا تما بقوله "فهو كافر"..وبين البعض من صفات الله فقال العالم بكل شيء ولا أحد يستحق أن سيشرع إلا منكان عالما بكل شيء..والقادر على كل شيء فإن العاجز الضعيف لا يصلح أن يكون مشرعا..ثم إنه أرحم بالوالدة من ولدها..فشرع سبحانه هذه الأحكام رحمة بخلقه..
فقد قال جل في علاه((وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)) والكثير من الناس يظن أن رحمة الله مختصه بالمسلمين فقط ..كلا..بل إن الله أرسل محمدا رحمة للعالمين فقد أمن أهل الذمة على أنفسهم وأموالهم..والذين يحاربهم المسلمون وجدوا هذا النوع العجيب من الحرب لا قتل فيه لصغير ولا شيخ عاجز ولا امرأة ولا للرهبان المعتكفين بالصوامع..فانتشر بين الناس جميعا العدل مسلمهم وكافرهم..فرحمته سبحانه شملتهم جميعا بهذه التشريعات..
نكمل المرات القادمة إن شاء الله تعالى،،
وصلى الله على نبينا محمدوعلى آله وصحبه وسلم..