ذلك اليوم الذي علم فيه بمقتل والداه ..
كانا يسكنان في بيت قديم منهك قد مضى عليه الزمان ورسم بصمته على جدرانهوآثار تصدعات شقت دربها على حيطانه بقوه ومع ذلك فهو لا يزال متماسك يقاوم الانهياركما يقاوم أصحابه الاحتلال بقوه و لا تزال البسمة التي رسمت نفسها على وجوه الأطفالتحوم حوله كفراشات تحوم حول ورده نبتت في وسط الثلوج ,ذلك البيت الذي عاشت فيه أسرةصغيرة مكونة من أم وأب عاشا على أمل عودة حسام وهو الابن الوحيد لهما ولد في ذاكالبيت وعاش فيه خمس سنوات ثم انتقل مع عمه إلى مخيم جنين هربا من الحرب وهربا منتراب الوطن الندية الرطبة بدماء الشهداء ودماء اليهود الغاصبين هي الأرض التي تنبت الشهداء بالدماء .. يالها من أرض كيف يهرب منها ؟؟ أنها أرض الأبطال ….
-اشتقت لصغيري حسام ..
هكذا تمتم الأب ثم أتبعها بزفرة طويلة و أليمة
– سيعود يومالم يكن واثقا , إني أراه واقفا أمام الباب و هو ملطخ بدماء أجل سيعود ليقتل الحاقدين ..
أرادت الأم أن تكمل سرد أمانيها في أن يعود حسام وأن تكون دماءه كتاجين تزينرأسيهما , لكن طرقا على الباب قطع كلامها قام الأب ليرى من الطارق , رأى شابا أسمراللون قد بدى منهك يمد إليه ظرفا ورديا ويقول :
-هل هذا بيت السيد حامد عبدالرحمن ؟؟
-أجل ,وهل هذه لي .
-نعم .
أخذها وأغلق الباب ثم ناولها لامرأتهقائلا:
-إقرئيها لقد فقدت نظارتي مساء أمس .
تناولتها ثم صرخت بفرح
-إنهامن حسام ..
أقترب منها الأب بفرح وقال:
-أقرئيها , أخبريني هل تخرج ؟ هل هوبخير؟ متى سيعود ؟ ..
-بسم الله الرحمن الرحيم ..
السلام عليكم ورحمة اللهوبركاته .
أمي أبي أتمنى تكونا بخير وأدعو الله ذلك أحب أن أخبركما أني نلتالشهادة الجامعية ولله الحمد و أني سأعود و…..
قاطعها صوت صفارات الإنذار وصوتإطلاق رصاص ومن ثم صراخ وأهات وألم يتبعه عويل وفي نهاية المسرحية الهزيلة ينهيصاروخ طائش الأمر فيدمر البيت فوق رؤوس ساكنيه و تتناثر الحطام الملطخة بالدماء في كلمكان … وتبقى الرسالة التي لم تقرأ تحمل الغضب والحقد الذي انسكب على أوراقها معالحبر الذي خطته أيادي الأحرار
هز الرجل العجوز "حسام " رأسه بألم و تمتم : لا يشعر المرء بالنعمة التي يعش فيها حتى يفقدها .
نظر إليه صبي يجلس بجواره و قال :
هل قلت شي يا عم ؟؟
رد:أجل , لقد قلت لن تعرفوا معنى أن تعيشوا بأمان حتى تعرفوا معنا أن تعيشوا وسط الخوف والأحزان .
أجاب الصغير :
و لما كل هذا الشئوم ؟؟
أجاب :
لأنني أعرف معنا أن تتخلى عن أحلامك من أجل أعدائك….معنى أن تظل تقاوم من أجل الحياة….معنى أن تفقد أحبابك من أجل تراب وطنك….معنى أن تتمنى أن يسيل دمك على تراب بلادك .
الإخوة والأخوات ..
ــ تُرى ما هي آمال الوالدين بأبنائهما ؟
ــ ما مدى شوق الوالدين لابنهما الغائب , وفي المقابل ما مدى شوق الابن لوالديه ؟
هل يبادلهما نفس الشعور بحرارته وعمقه ؟
ــ ما ذا يحدث لو تكسرت أحلام الفرح على شواطئ الحقيقة مثل حال حسام ووالديه ؟
ــ الحياة الآمنة طريق لأسرة مطمئنة منتجة .. كيف نعلم أبنائنا شكر هذه النعمة والحفاظ عليها ؟
منقوووووول