التصنيفات
الملتقى الحواري

الراقصات الروسيات وعمرو خالد

تفكك الاتحاد السوفيتي وتسابقت أمريكا وأوروبا وحتى إيران على جلب الكفاءات العسكرية والعلمية من دول اتحاد الأمس بحثا عن المزيد من الخبرات لتحقيق تفوق مستمر يضاف إلى نجاح لافت في الجوانب العلمية والعسكرية كافة مكنت تلك الدول من تبوء مكانتها التي هي عليها الآن، وبينما كانت تلك الدول تتسابق في هذا الشأن كانت بعض الدول العربية بما فيها بعض الدول الخليجية – بشكل مباشر أو غير مباشر- تتسابق على جلب بنات الهوى والراقصات لدعم جهودها الحثيثة في دعم السياحة المحلية غير البريئة ومن ثم دعم اقتصادياتها(!!) فعاثت بغايا بقايا تلك الدولة في عديد من الدول العربية، واكتظت بعض فنادق هذه الدول ببائعات الهوى لنقل الخبرة لمن لا يجيدون بيع اللحم الرخيص(!!).
مرت مثل هذه الأخبار على عديد من الساسة ورجال الأمن والإعلاميين وأحيانا حتى على علماء الدين دون أن تشكل إزعاجا وقلقا لهم ودون أن تثير الشك والريبة ، ودون أن تتصدى لها جهات رسمية أو غير رسمية ما دام الأمر لا يشكل خطورة على الأمن أو على الحكم، وما دام الخطر محصورا فقط في الجانب الصحي ومن ثم في الجانب الأخلاقي، وحيث إن الأمة تتمتع بجو ديموقراطي واسع نتج عنه هامش كبير من الحريات الفردية فكان هناك – فيما أظن – خوف من أن يفسر تدخل الحكومات للحد من هذه الظاهرة على أنه تدخل في الحريات الشخصية وفيه ما فيه مما يتعارض مع النظام الديموقراطي المعمول به(!!).
ثم إن الأمة قد ضاقت بالعلماء حتى اضطرت إلى تصديرهم إلى أمريكا وأوروبا وغيرهما من بلاد الدنيا وبالتالي فإنه من المعيب بعد هذا النصر المسبوق أن تلجأ إلى استقطاب بقايا دولة منهارة(!!)
ووفق هذه الفلسفة الساخرة ظل الوضع كما هو، ويوما بعد يوم يزداد الطلب العربي على الخبرات الروسية ويوما بعد يوم تتكشف فوائد هذه السياسة الراشدة حيث تلاشت أمراض الإيدز بحكم امتياز اللحم المستورد حاله حال كافة البضائع المستوردة من حيث الجودة ، كما انعكست سياسة الاستعانة بالخبرات الأجنبية على نوعية التعامل والنشاط والحركة في السوق المحلي(!!) .
أقول ظل الوضع هكذا برضا أصحاب الشأن حتى بدت في الأفق صحوة متأخرة إذ قرر نواب البرلمان في إحدى الدول العربية فتح ملف الراقصات الأجنبيات خاصة الروسيات ورعايا أوروبا الشرقية كون بعضهن يجمع بين العمل كمضيفات وراقصات في الملاهي الليلية وهو ما اعتبره هؤلاء النواب عبئا على الاقتصاد حيث يقمن بتحويل أرباحهن إلى بلادهن بالعملات الأجنبية ،فضلا عن أن مسؤولاً ثقافياً يبدو أنه متخصص في شؤون الثقافة للرقص في البلد ذاته وصف وجود هؤلاء الروسيات بأنه اعتداء صارخ على فنانات بلده محترفات الرقص الشرقي بينما يتوافر بديل وطني" أي إن الراقصات العربيات من أهل البلد يعانين من بطالة بينما الروسيات – الأجنبيات – يمارسن المهنة بسهولة(!!).
إذن هكذا كان التشخيص بعد طول زمن وطول انتظار للقضاء على هذه الظاهرة ، وهكذا كان ومازال حال بعض الدول العربية في قدرتها على اتخاذ القرار السليم في الوقت السليم ومن ذلك الاستغناء عن الخبرات الأجنبية حال تحقيقها الأهداف التي جلبت من أجلها وإعطاء المواطنين من بعد ذلك حق ممارسة تلك المهن التي ما كان بالإمكان استيعابها لولا تلك الخبرات الأجنبية(!!).
بعد ذلك هاكم المفارقة فقد نشرت صحيفة "الوطن" في عدد يوم أمس الاثنين خبرا مفاده "أن سلطات الأمن في البلد نفسه قامت بمنع الداعية الشاب عمرو خالد من الخطابة وإلقاء دروسه في مسجد الحصري والتي – دروسه – كانت تشهد إقبالا جماهيريا كبيرا وقامت بإغلاق المسجد تماما .. وتأتي أزمة عمرو خالد الأخيرة على خلفية ترحيل السلطات للداعية اليمني الحبيب علي الجفري إلى خارج البلاد بدعوى أنه خالف شروط تأشيرة الدخول حيث حصل عليها بهدف السياحة بينما استغل وجوده في البلاد لعقد الندوات الدينية واستقبال الفنانين والفنانات ودعوتهن إلى الاعتزال.
وقد أعادت أزمة خالد والجفري إلى أذهان المواطنين في ذاك البلد ملاحقة السلطات لعدد من الدعاة الذين لاقوا إقبالا جماهيريا وسحبوا البساط من أئمة وزارة الأوقاف".
لكم أن تعلقوا كما شئتم على هذه المفارقة الغريبة التي لا تخص بلدا بعينه فهي ظاهرة استشرت في معظم البلاد العربية ولكم أن تسألوا لماذا تعقد الجلسات البرلمانية للدفاع عن الرقص والتعري ولماذا تتحرك السلطات الأمنية لإغلاق بيوت الله وإيقاف دعاة لا شأن لهم بالحاكم والسياسة والأمن بل همّهم هو الدعوة إلى الله تعالى بالحسنى وحفظ المجتمعات من الشرور والأمراض؟

جريدة الوطن السعوديه – طارق إبراهيم

منقول

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.