:
الْسَّلامِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ الْلَّهِ وَبَرَكَاتُــــــــــــــــهِ ،،،
دِرَاسَةِ الْتَّارِيْخِ فَرِيْضَةً إِسْلامِيَّةٍ شَرْعِيَّةٌ !!
نَعَمْ إِنَّهَا كَذَلِكَ فَلَا تَعْجَبْ فَقَدْ فَرَضَ الْلَّهُ عَلَيْنَا دِرَاسَةِ الْتَّارِيْخِ بِنُصُوْصٍ قْرَانِيّةً قَاطِعَةً
وَذَلِكَ لِأَنَّ دِرَاسَةِ الْتَّارِيْخِ هِيَ الْأَسَاسُ الْصُّلْبِ لِفَهْمِ الْمُسْتَقْبَلِ , الْحَرَكَةِ الْتَّارِيْخِيَّةُ تُشَغِّلَ جَانِبٍ كَبِيْرٍ مِنْ تَوْجِيْهَاتِ الْقُرْانَ الْكَرِيْمِ وَذَلِكَ فِيْ عِدَّةِ أَوْجُهٍ , فَهُنَاكَ الْقَوَانِيْنِ الَّتِيْ تَهَيْمَنَ عَلَىَ حَرَكَةِ الْكَوْنِ , أَوْ الَّتِيْ تَحْكُمُ نَهْضَةِ الْأُمَمِ وإِنْحِدَارِهَا , أَوْ الَّتِيْ تُسْرَدْ تَارِيْخِ الرِّسَالاتِ الَّتِيْ أَرْسَلَهَا الْلَّهِ لِهِدَايَةِ الْبَشَرِيَّةِ مَنْ الْظُّلُمَاتِ إِلَىَ الْنُّوْرِ ، وَمَنْ الضَّلَالِ إِلَىَ الْهُدَىَ , وَمَنْ الْعَذَابَ إِلَىَ الْرَّحْمَةِ أَوْ تِلْكَ الَّتِيْ بُيِّنَتْ لَنَا خَلَقَ الْإِنْسَانَ وَالْأَمَانَةُ الَّتِيْ كَلَّفَ بِهَا وَمَايَلْزَمِهُ مِنْ سِيَاسَةِ فِيْ مُوَاجَهَةِ الْأَعْدَاءِ وَالإِنْحِرَافَّاتِ ..!
إِذَنْ فَهُنَاكَ وَاجِبٌ مِلْحٌ عَلَىَ كُلِّ مُسْلِمٍ وَمُسْلِمَةٍ بِدِرَاسَةِ تَارِيْخِ الْمُسْلِمِيْنَ بَلْ أَنْ الْقُرْانَ الْكَرِيْمِ نَصٍّ فِيْ عَشَرَاتِ الْآَيَاتِ عَلَىَ الْدَّعْوَةِ الْصَّرِيْحَةِ لِدِرَاسَةِ الْتَّارِيْخِ !!!
(قُلْ سِيْرُوْا فِيْ الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوَا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِيْنَ)
( أَفَلَمْ يَسِيْرُوْا فِيْ الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوَا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِيْنَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ الْلَّهُ عَلَيْهِمْ وَّلِلْكَافِرِيْنَ أَمْثَالُهَا )
( أَفَلَمْ يَسِيْرُوْا فِيْ الْأَرْضِ فَتَكُوْنَ لَهُمْ قُلُوْبٌ يَعْقِلُوْنَ بِهَا )
﴿قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيْرُوْا فِيْ الْأَرْضِ فَانْظُرُوْا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِيْنَ﴾
( قُلْ سِيْرُوْا فِيْ الْأَرْضِ فَانْظُرُوَا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ الْلَّهُ يُنْشِئُ الْنَّشْأَةَ الْآَخِرَةَ إِنَّ الْلَّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيْرٌ )
وَغَيْرِهَا وَغَيْرِهَا مِنْ الْآَيَاتِ .
هُنَا دَعْوَةٌ مُبَاشَرَةً لِدِرَاسَةِ الْتَّارِيْخِ بِمَعْنَاهُ الْشَّامِلِ , وَهَذَا يَعْنِىَ دِرَاسَةِ كُلّ الْعُلُومِ الَّتِيْ تَخْدِمُ الْبَشَرِيَّةِ
مَعْرِفَةِ أَحْدَاثِ مَضَتْ وَدِرَاسَةُ الْعِبَرُ هِيَ فَرِيْضَةُ إِسْلامِيَّةٍ
وَمَعْرِفَةِ الْعُلُومِ بِكُلِّ فُرُوْعُهَا فَرِيْضَةً وَعَلَىَ رَأْسِ تِلْكَ الْعُلُومِ يَأْتِيَ عِلْمٍ الْتَّارِيْخِ كُفَرِيضَةً أَهُمْ
وَعَلَّمَ الْتَارِيْخِ فِيْ الْقُرْانَ , هُوَ عِلْمُ مُرْتَبِطٌ بِحَرَكَةٍ الْأُمَمِ وَالْشُّعُوْبِ وَلَيْسَ قَاصِرا كَمَا يَعْتَقِدُ الْبَعْضُ عَلَىَ الْتَّارِيْخِ السِّيَاسِيُّ أَوْ دِرَاسَةٌ سِيَرِ الزُّعَمَاءِ مَثَلا !!
بَلْ هُوَ أَشْمَلُ وَأَوْسِعْ مِنْ ذَلِكَ كَثِيْرا , فَهُوَ يُغَطِّيَ كُلَّ مَجَالَاتِ الْحَيَاةِ الْسِّيَاسِيَّةِ وَالْإِقْتِصَادِيَّةِ وَالْإِجْتِمَاعِيَّةِ لِحَرَكَةِ
الْشُّعُوْبِ فِيْ ارْتِفَاعُهَا وَسُقُوْطِهَا
وَمِثَالُ ذَلِكَ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ وَالرُّسُلَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ الْلَّهْ أَجْمَعِيْنَ ، الَّذِيْنَ حُمِّلُوا الْرِّسَالَةِ , كَانَ
كُلِّ مِنْهُمْ يُرَكَّزُ عَلَىَ أَسْبَابِ الْفَسَادِ الْشَّائِعُ فِيْ مُجْتَمَعٍ مَا ، مَعَ عَدَمِ إِغْفَالِ الْجَوَانِبِ الْأُخْرَى !!
فَمَنْ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ رَكَّزَ عَلَىَ الْجُمُوْدِ وَالتَّقْلِيْدِ وَاتِّبَاعُ اثِارُّ الْآَبَاءِ وَالْأَجْدَادِ بِلَا تَفْكِيْرٍ !!
وَمَنْ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ رَكَّزَ عَلَىَ ضَرْبٍ الْفَسَادَ الْإِقْتِصَادِيِّ وَالْظُّلْمِ الِإِجْتِمَاعِيَّ مِثْلَ شُعَيْبِ عَلَيْهِ الْسَّلَامُ .
وَمِنْهُمْ مَنْ جَاءَ لِيَقُوْدَ الْمُسْتَضْعَفِيْنَ لِيَخْرُجُوْا مِنْ حَيِّزِ الْظُّلْمِ وَالْعُبُوْدِيَّةُ لِنُوْرِ الإِيْمَانِ وَالْحَقِّ !!
ثُمَّ اكْتَمَلَتْ الرِّسَالاتِ بِرِسَالَةِ نَبِيِّنَا وَقَائِدَنَا ، مُحَمَّدُ عَلَيْهِ أَفَضَلُ الْصَّلاةِ وَالْسَّلامِ فَاكْتَمَلَ الْإِسْلَامِ عَلَىَ كُلِّ الْنُّظُمِ الْإِجْتِمَاعِيَّةِ وَالْسِّيَاسِيَّةِ وَالْإِقْتِصَادِيَّةِ وَالْأَخْلَاقِيَّةِ الَّتِيْ تَكْفُلُ تَحْقِيْقِ مُجْتَمَعَ بَشَرِيَّ نَظِيْفٌ وَعَادِلٌ وَبَنَّاءً .
وإِنْطَلاقا مِنْ كُلِّ هَذَا .. فَإِنَّ دِرَاسَةِ الْتَّارِيْخِ الْمُعَاصِرِ هُوَ فَرِيْضَةٌ عَلَىَ الْمُسْلِمِيْنَ عُمُوْما وَعَلَىَ عُلَمَائِهِمْ خُصُوْصَا
فَهَذَا الْتَّارِيْخُ هُوَ الَّذِيْ يُمَثِّلُ الْصِّرَاعِ الُمَسْتَمِرٌّ بَيْنَ قِوَىَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ .. !!
وَإِذَا كَانَ الْعَالَمُ يَتَطَلَّعُ وَيَنْتَظِرُ صَحْوَةٍ إِسْلامِيَّةٍ ثَانِيَةً لِإِقَامَةِ عَالِمُ إِسْلَامِيِّ بِلَا ظَلَمَ وَلَا أَحْزَانُ فَإِنَّ الْمُهِمَّةِ الْضَّخْمَةُ الَّتِيْ تَحْمِلُهَا تِلْكَ التَطَلِعَاتِ تَسْتَدْعِيَ دِرَاسَةِ لِتَارِيْخِ الْأُمَمِ ، وَلْتَكُنْ لَنَا مِنْهُمْ عِظَةٌ وَعِبْرَةٌ وَدُرُوْسُ لِمُسْتَقْبَلٍ أَفْضَلُ وَنَصْرا أَعْظَمُ !!
وَإِنِّيَ لَأَعْجَبُ أَشَدُّ الْعُجْبِ مِنْ جِيْلٍ الْشَبَابْ الَّذِيْ لَايَعْلَمُ شَيْئا عَنْ مَاضِيْ الْمُسْلِمِيْنَ وَتُرَاثِهِمْ وَقِيَمَهُم بَلْ وَالْأَعْجَبُ انّ تَرَىَ الْبَعْضِ مِنْهُمْ يُجْهَلَ أَغْلَبُ قِصَصٌ الْقُرْانَ الْكَرِيْمِ وَلايُفِقِهُ مِنْهَا شَيْئا ، فِيْ الْوَقْتِ الَّذِىْ يَهْتَمُّ فِيْهِ بَاخَبَارٍ الْفَنْ وَالْرِّيَاضَةِ وَالْامُوْرُ الَّتِيْ تُؤَدِّيَ بِالْكَثِيْرِ مِنْهُمْ إِلَىَ الْهَاوِيَةِ .
وَحَدَثَ وَلَا حَرَجَ عَنْ الْجَهْلِ الْتَّامِّ بِأَحْدَاثِ مَرَّتْ عَلَىَ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِيْنَ مُنْذُ نَشْأَتِهِمْ الْأُوْلَىْ إِلَىَ وَقْتِنَا الْحَالِيْ!!
يَقُوْلُ تَعَالَىْ :
( وَجَعَلْنَا الْلَّيْلَ وَالْنَّهَارَ آَيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آَيَةَ الْلَّيْلِ وَجَعَلْنَا آَيَةَ الْنَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلَا مِّنَ رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوَا عَدَدَ الْسِّنِيْنَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلَا )
( أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوْا فِيْ أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ الْلَّهُ الْسَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمىً وَإِنَّ كَثِيْرا مِنَ الْنَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُوْنَ )
فَلْتَكُنْ لَنَا وَقْفَةٌ مِنْ تَارِيْخِنَا الْإِسْلَامِيِّ خَاصَّةً وَتَارِيْخِ أَمَتَّنَا الْعَرَبِيّـــةِ عَامَّةً ، وَلِنَعْلَمَ انّ مَعْرِفَةِ تَارِيْخِنَا مّاهْوَ إِلَا بِدَايَّةِ الْطَّرِيْقِ الْصَّحِيْحِ لِتَخَطِّيَ كَثِيْرا مِنْ أَزَمَاتٍ حَاضِرِنَا ، وَبِتِلْكَ الْمَعْرِفَةِ يُمْكِنُنَا السِيّرِ فِيْ الْطَّرِيْقِ الْصَّحِيْحِ .. طَرِيْقِ الْنُّوْرِ وَالْصَّوَابُ ..!
وَفِّقْنِيْ الْلَّهُ وَإِيَّاكُمْ لِمَا يُحِّبُ وَيَرْضَىَ .