حتى ذلك الوقت .. بدأت نظراتك تشرد عنى .. رسمت وحدك حلما منفردا .. نبض قلبك وأفسح مكانا لغيرى .. لقد جاء الفارس .. وأخذك بعيدا عنى .. مهلا .. ما كان هذا حلمنا .. كان يجب أن نكون معا .. لم يأتى الفارسان .. لقد جاء أحدهما وأخذك بعيدا .. وتركتينى وحيدة .. إنشطر قلبى وعقلى وإنقسمت روحى .. أصبحت نصف إنسان .. لم يأتى الفارس يا صديقتى .. تأخر عنى .. أو ضل الطريق .. تركنى .. وتركتينى .. ما أقسى الحياة على قلبى المبتور .. إنسحبت السعادة من عالمى فجأة وذهبت لك وحدك .. رأيتها تلف عالمك .. وتتقافز من عينيك .. رأيت بريقا يضىء أيامك .. بينما ينطفىء نور حياتى ببطء .. دارت الدنيا بى وأنت تدورين حولى بفستانك الأبيض .. والضحكات تنطلق من شفتيك كأطفال تلهو بمرح .. ولسانك لم يتوقف عن الكلام .. عن فارس الأحلام .. لم أسمع منه حرفا .. ولم يفرح قلبى لفرحتك .. رسمت إبتسامة زائفة على وجهى .. ومنحتك قبلتى الباردة .. لقد خنتك للمرة الأولى ..
لكنك لم تنسينى .. أفسحت لى مكان فى دنياك الجديدة .. أدخلتينى عالمك .. وأشركتينى فى أحلامك أنت .. وحدك تحلمين .. ما تعودت على هذا بعد .. وليس لأحلامى مكان .. وربما توقفت أنا عن الأحلام .. لم أعد أنا .. لقد أتقنت وضع الأقنعة .. وأجدت صنع القبلات المجردة من الإحساس .. مازلت كما أنت لم تتغيرى .. ولم تشعرى بما فى صدرى .. بريئة أنت كقطرة ندى .. وأنا هجرت البراءة للأبد .. مرت سنوات .. نسيت الفارس والأحلام .. وعشت واقع الأيام .. نزعت ردائى الوردى .. وقصصت ضفائرى .. ودخلت إلى عالم الرجال .. حققت نجاحات فى عملى .. وربحت الأموال .. صارعت دوامة الحياة وتشاغلت عنك وعنى .. ولكنك كما أنت لم تتغيرين .. أصبح لديك ملاكين صغيرين .. تتفتح الأزهار على بابك .. وتبور على عتبتى السنين .. لم أستطع شراء السعادة .. وحيدة نفسى .. إشتقت للفارس من جديد .. أتراه ما زال يبحث عنى؟ .. أولم يجد الطريق؟ .. يالسخافتى .. أمازالت تلك الطفلة داخلى؟ .. ظننتها توارت للأبد خلف ركام السنين .. عاودنى الحنين .. فتحت صندوق الذكريات .. تذكرت أحلامنا البعيدة .. تحققت أحلامنا معا .. وأبى الحلم الأخير إلا أن يتحقق لك وحدك .. فراغ عالمى يجمدنى .. وظلام الوحدة يلفنى .. يمرر أيامى التى تمر ببطء إمعانا فى تعذيبى .. وحده عالمك من يلوح لى من بعيد .. ويلقى على ظلماتى بعض الضياء .. تجذبينى بيديك .. وتمنحينى حبات السعادة .. وضحكات ملائكتك تداعب أسماعى .. وتوقظ شوقى الدفين للحياة ..
حتى ذلك الوقت .. أتعلمين .. لقد نبض قلبى الحزين .. عاد للحياة من جديد .. شعرت به يتقافز فى سعادة كطفل صغير .. أتراه الفارس جاء أخيرا .. ولكن .. يالشقائى .. أتعلمين .. لا .. لا تعلمين .. لقد نبض قلبى لفارسك أنت .. ألا تذكرين .. لطالما تشاركنا حب الأشياء ذاتها .. الملابس والألوان .. والفرسان .. لم أعرف سوى الآن .. لماذا لم يأتى سوى فارس واحد .. لم يضل فارسى الطريق .. لقد إمتزج حلمنا الأخير .. لطالما تقاسمنا كل شىء .. والآن .. نتقاسم معا قلب الفارس .. يالشقائى .. صدقينى .. لم أقصد ذلك ولم أنويه .. آخر ما قد أفكر فيه .. أن أقوض أرجاء مملكتك الصغيرة .. وأن أبنى سعادتى فوق بقايا نصفى الآخر وزوج من الملائكة .. أتعلمين .. لقد اعتدت الوحدة والظلام .. وبطء الأيام .. وهجرت الأحلام .. وهذا ما أنويه .. أن أرحل بعيدا .. أن أتيه فى بلاد النسيان .. ولن أعود .. كلماتى هذه ليست لعينيك .. فما كنت لأعكر صفوهما بها .. وما كنت لأجذبك من سماء عالمك الصافية وأغوص بك فى بحار ظلمات حياتى .. إنها لنفسى المعذبة .. سأحملها وحزنى بعيدا لأعيش بقلب بلا دقات .. وحدى أجتر الذكريات .. عزائى الوحيد .. أن نصفى الآخر يعيش سعيد .. ترى أمازلت تحلمين؟ .. أتعلمين .. أخيرا تعلمت أن أحلم وحدى .. وحلمى الأخير رسمته وحدى .. بدون ألوان .. كما عشت عمرا سأموت يوما نصف إنسان ..