التصنيفات
الملتقى الحواري

في صالة الأفراح

لاشك أن للزواج فرحته وبهجته، وللزواج قيمته ونعمته، وقد جاءت الشريعة الغراء المطهرة
لتقرر هذه الحقيقة ولتوجب على الزوج أن يمتع الناس بالوليمة في هذه المناسبة المباركة. فعن بريدة بن الحصيف رضي الله عنه قال: "لما خطب علي رضي الله عنه فاطمة رضي الله عنها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه لابد للعرس من وليمة. فقال سعد رضي الله عنه

عليَّ كبش، وقال فلان عليَّ كذا وكذا من ذرة،- وفي رواية أخرى- وجمع له رهط من الأنصار أصوعاً ذرة" رواه الإمام أحمد والطبراني والطحاوي بسند لا بأس به، كما نص عليه ابن حجر في الفتح.

وينبغي على الزوج أو القائم على هذه الوليمة أن لا يدعو الأغنياء فقط أو الذين دعوه في ولائمهم، بل يشمل في دعوته الفقراء كما يشمل الأغنياء، حتى لا تكون وليمته من شرار الولائم التي أخبرعنها رسول الله صلى الله عليه وسلم في مما رواه عنه أبوهريرة رضي الله عنه وأرضاه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "شر الطعام طعام الوليمة يدعى لها الأغنياء ويمنعها المساكين، ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله " رواه مسلم والبيهقي مرفوعاً.

فمن أراد أن لا تكون وليمته من شرار الطعام فعليه أن يدعو الفقراء كما يدعو الأغنياء.

فإذا دعي المسلم لهذه الوليمة وجب عليه أن يحضر ولا يجوز له أن يتخلف إلا بعذر شرعي، فإجابة الدعوة أمر واجب شرعي، فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فكوا العاني، وأجيبوا الداعي، وعودوا المريض " رواه البخاري.

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إذا دعي أحدكم إلى الوليمة فليأتها عرساً كان أو نحوه، ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله " رواه البخاري ومسلم وأحمد والبيهقي واللفظ له، ورواه أبويعلى. مسألة: فإن كان المدعو لهذه الوليمة صائما فماذا يفعل؟؟ أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التصرف الذي يسوغ له أن يعمله، عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب، فإن كان مفطراً فليطعم، وإن كان صائما فليصل- أي يدعو لهم بالبركة في طعامهم- " رواه مسلم والنسائي وأحمد والبيهقي.

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب، فإن شاء طعم وإن شاء ترك " رواه مسلم وأبوداود.

إذاً المقصود من الحضور ليس فقط الأكل من هذه الوليمة ومن هذه الدعوة وإنما المقصود الأسمى هو تطييب خاطر ذلك الداعي وإظهار الكرامة له والاستجابة لدعوته وتكثير عدد المدعوين والحاضرين، فإن بهذا الأمر تطيب نفس الداعي ويعرف أن له قدراً عند من دعاهم.

فإذا حضر أحدنا الدعوة فإن عليه بعد أن يأكل أن يدعو لهذا الذي دعاه، وهناك أدعية متعددة في السنة المطهرة علينا أن نحفظ بعضها لندعو بها لهذا الذي دعانا، ومن هذه الدعوات: "اللهم اغفر لهم، وارحمهم، وبارك لهم فيما رزقتهم "، "اللهم أطعم من أطعمني، واسق من سقاني ". "أكل طعامكم الأبرار، وصلت عليكم الملائكة، وأفطر عندكم الصائمون ". فإذا سلم على الزوج أو سلمت المرأة على الزوجة ينبغي أن تقول: "بارك الله لك، وبارك عليك، وجمع بينكما في خير".

ولا ينبغي أن تردد بالرفاء والبنين فقد وردت السنة بالنهي عن ذلك، فعن الحسن البصري رحمه الله: "أن عقيل بن أبي طالب رضي الله عنه تزوج امرأة من جُثَم فدخل عليه القوم فقالوا بالرفاء والبنين، فقال: لا تقولوا ذلك فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك- لأنها من أدعية الجاهلية- قالوا: فما نقول يا أبا يزيد؟- وهي كنيته- قال: قولوا: بارك الله لكم وبارك عليكم إنا كذلك كنا نؤمر". رواه النسائي وابن ماجه وأحمد بسند قوي.

كيف كانت ولائم رسول الله صلى الله عليه وسلم

يروي أنس بن مالك رضي الله عنه وأرضاه قصة زواج الرسول صلى الله عليه وسلم بصفية بنت حيي- رضي الله عنها- وكان أبوها حيي بن أخطب من عظماء اليهود انتصرعليهم الرسول صلى الله عليه وسلم في غزوة بني قريظة وقتل أبوها وكانت في السبي فتزوجها الرسول-صلى الله عليه وسلم- أقام الرسول صلى الله عليه وسلم بين خيبر والمدينة ثلاثاً يبني بصفية بنت حي فدعوت المسلمين إلى وليمته فما كان فيها من خبز ولا لحم، أمر بأنطاع فألقي عليها من التمر والأقط والسمن فكانت وليمة رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولكن من أين جيء بهذا التمروالأقط والسمن؟ يبين ذلك ما جاء في رواية مسلم حيث يقول أنس: فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من كان عنده فضل زاد فليأتنا به "، فجعل الرجل يجيء بفضل التمر وفضل السويق حتى جعلوا من ذلك سواداً حيسا- والحيس هي الأنواع المختلفة التي لا يجمعها صنف واحد- فجعلوا يأكلون من ذلك الحيس ويشربون من حياض إلى جنبهم من ماء السماء- أي المطر- قال أنس: فكانت تلك وليمة رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها.

إذاً فكانت تلك وليمة الرسول صلى الله عليه وسلم التي لم يكن فيها شيء من تكلف أو إسراف.

ولائمنا في هذه الأيام:

هناك كثيرمن المنكرات التي نراها في الولائم هذه الأيام، وقبل أن نذكر هذه المنكرات لابد أن ننبه إلى أنه لا يجوز إجابة الدعوة إذا كان فيها منكر، فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: صنعث طعاماً فدعوت رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء فرأى في البيت تصاوير فرجع، قلت: يا رسول الله ما أرجعك بأبي وأمي، قال: "إن في البيت ستراً فيه تصاوير، وإن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه تصاوير". رواه ابن ماجه وأبويعلى في مسنده بسند صحيح.

لذلك استفاد العلماء رحمهم الله تعالى أن الدعوة إذا كان فيها منكر فإنها لا تجاب.

قال الأوزاعي رحمه الله: "لا ندخل وليمة بها طبل ومعزاف " رواه أبوالحسن الحربي في الفوائد المنتقاة بسند صحيح عن الأوزاعي رحمه الله.

وكذلك نص الأئمة في كتبهم المعتبرة أنه لا يجوز إجابة وليمة فيها منكر.

ومن منكرات ولائمنا ما يلي:

يتبع,,,

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.