التصنيفات
روضة السعداء

قبل أن ندخل في صلب موضوع استغلال الوقت.. لا بد لنا من مقدمات مهمة

فأرعوني السمع و القلوب

@هل تأملت في يوم من الأيام عجوزا احدودب ظهره، وابيض شعره، وتثاقلت خطاه، وخارت قواه ، وتناثرت أسنانه؟ فهو يقوم و يقعد بصعوبة، وينام بصعوبة، ويصليو يصوم بصعوبة، ويأكل و يشرب بصعوبة ، ويقضي حاجته بصعوبة.

ألم يكن شاباً مثلك..؟ يعيش حياة الشباب.. ويسير سيرهم.. ويملك قوتهم ..، لقد ظن أن أيام الشباب طويلة.. وأن نضرة الشباب تزهو على الليالي والأيام !!

واليوم.. وبعد أن كبرت سنه.. وضعف وتنوعت أسقامه.. يبكي على ما ضاع من عمره في اللهو واللعب.. يبكي على قوة الشباب التي ولت، وعلى نضرة الشباب التي استبدلت بالكبر والشيخوخة.. ويتمنى أن يعود إليه شبابه وقوته ليصرفها في طاعة الله ورضوانه. ولكن هيهات هيهات.. فكل يوم انشق فجره ينادي ابن آدم ويقول: يا ابن آدم ! أنا يوم جديد وعلى عملك شهيد، فاغتنمني فإني لن أعود الى يوم القيامة.

@العجز عن فعل الطاعات في الشباب آفة ابتلى بها السواد الأعظم من أبناء الأمة اليوم و لهذا أسباب كثيرة منها :
*ضعف الإيمان بالله : و يظهر ذلك في عدم استشعار مراقبته .. إذ لا يهتم الشاب بالبحث عما يرضي ربه باجتهاد و إن قال العكس فلسان حاله يبنؤك عن خبره
*ضعف الإيمان باليوم الآخر : و هذا سبب قوي جدا.. فتكون الدنيا كبيرة في عين الإنسان تملك قلبه و يبذل لها الغالي و الرخيص و أما الآخرة فيراها بعيدة و ما زال لن يحن لها الأوان !!! و تلهي المرء رؤية الهوى العاجل، فإن رؤيته تشغل عن الفكر فيما يجنيه، لأن عين الهوى عمياء !
*رجاء الرحمة فيقول العاصي: ربي غفور رحيم، وينسى أنه شديد العقاب.

كم من شخص يؤجل أعماله إلى غد أو إلى بعد أسابيع أو حتى بعد سنين .. فيقول مثلا سأبدأ بحفظ القرآن في الاجازة و لما تمر الاجازة يجد نفسه لم يحفظ لأنه انشغل بالفسح و الحفلات و اجتامعه مع أصدقائه في غير فائدة .. فيقول ليس عندي متسع من الوقت فلأبد الحفظ في رمضان و لكنه لا يحفظ في رمضان أيضا ! .. و الأيام تمر بل و تمر السنون و هو لم يحفظ آية !

فإنه لولا طول الأمل ما وقع إهمال أصلاً، وإنما تتُقدّم المعاصي وتُؤخر الطاعات و التوبة لطول الأمل وتبادر الشهوات.

قال المروذي: قلت لأبي عبدالله – يعني أحمد – أي شيء الزهد بالدنيا؟ قال: قصر الأمل، من إذا أصبح، قال: لا أمسي.

وكان محمد بن واسع إذا أراد أن ينام قال لأهله: أستودعكم الله، فلعلها أن تكون منيتي التي لا أقوم منها، فكان هذا دأبه إذا أراد النوم

وقال بكر المزني: إناستطاع أحدكم أن لا يبيت إلا وعهده عند رأسه مكتوب، فليفعل، فإنه لا يدري لعله أنيبيت في أهل الدنيا، ويصبح في أهل الآخرة.

وقال عون بن عبدالله: ما أنزل الموت كنه منزلته من عدّ غداً من أجله، وقال بكر المزني: إذا أردت أن تنفعك صلاتك فقل: لعلي لا أصلي غيرها

التسويف لا يقف عند حدّ، بل هو بحرلا ساحل له، والأماني لا تنقطع بصاحبها، ولا يزال العبد يسوف حتى يصير مجندلاً في قبره.. فإذا بلغ الثلاثين قال: سوف أفعل غداً.. وإذا جاوز الأربعين قال: سأفعلغداً.. وإذا بلغ الخمسين قال: غداً.. وإذا بلغ الستين قال: غداً غداً.. وكل يوم يمرعليه يزداد فيه بعداً من الله، ونفوراً من الطاعات وسبيلها.. فالحازم من عزم على الاجتهاد في عمل الخيرات من ساعته، وترك سبل الغواية الآن قبل غده.

قال الحسن رحمه الله: إن قوماً ألهتهم أماني المغفرة، حتى خرجوا من الدنيا بغيرتوبة، يقول أحدهم: إني أحسن الظن بربي وكذب.. لو أحسن الظن لأحسن العمل.

ها نحن قد أخذنا الحديث وتكلمنا كثيراً، فلماذا لا نبدأ من الآن؟أعترف أن البدايات قد تكون صعبة ولكن.."عند الصباح يحمد القوم السرى"

وأذكرك بقول النبي صلى الله عليه و سلم:نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ

قال بعض الحكماء: كيف يفرح بالدنيا من يومه يهدم شهره، وشهره يهدم سنته، وسنته تهدم عمره، وكيف يفرح من يقوده عمره إلى أجله، وتقوده حياته إلى موته

وقال الحسن: إنما أنت أيام مجموعة، كلما مضى يوم مضى بعضك. وقال: ابن آدم إنما أنت بين مطيتين يوضعانك، يوضعك النهار إلى الليل، و الليل إلى النهار، وحتى يسلمانك إلى الآخرة.

فكأنك المقصود بهذا الحديث أيها الشاب، فأنت في الزمان الصحة والقوة، وعندك كثير من الأوقات التي انشغل فيها غيرك بتدبير معاشهم والسعي في أرزاقهم، فلماذا لا تستثمر هذه الأوقات فيما يقربك الى الله، وفيما يكون ذخراً لك يوم القيامة؟

قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: إني لأبغض الرجل أراه فارغاً، لا في أمر دنياه، ولا في أمر آخرته.

وقال أبو العباس الدينوري: ليس في الدنيا أعز وألطف من الوقت والقلب، وأنت مضيع لهما !!

وقال يحيى بن معاذ الرازي: المغبون من عطل أيامه بالبطالات، وسلط جوارحه على الهلكات، ومات قبل إفاقته من الجنايات.

وقال أحد السلف: الليل والنهار يعملان فيك فاعمل أنت فيهما.

وقال أبو زيد: إن الليل والنهار رأس مال المؤمنين، وربحهما الجنة، وخسرانهاالنار..

وقال إبراهيم بن شيبان: من حفظ على نفسه أوقاته فلا يضيعها بما لا رضى لله فيه،حفظ الله عليه دينه ودنياه.

وقال عمر بن ذر أنه كان يقول في مواعظه: لو علم أهل العافية ما تضمنته القبور منالأجساد البالية، لجدّوا في أيامهم الخالية، خوفاً من يوم تتقلب فيه القلوبالأبصار.

قال الإمام ابن رجب: "فالواجب على المؤمن المبادرة بالأعمال الصالحة، وقبل أن لايقدر عليها، ويحال بينه وبينها، إما بمرض أو موت، أو بأن يدركه بعض الآيات التي لايُقبل معها عمل"

المجال مفتوح لكم لمناقشة العناصر السابقة و تعزيزيها بقترحاتكم.. و طبعا للموضوع بقية.. ترقبوها
و لكم أن تطرحوا محاور أخرى للمعالجة و النقاش

يتبع قريبا بإذن الله ..

ستخسر السباق ؟؟ مع غنيمتك !!!

هل تعرف ما هي قيمة الوقت كمعرفتك لقيمة المال !!!

كيف أقضي الإجازة مع طفلي ؟؟؟

كنت منهمكا في الدراسة طوال السنة و الآن ماذا أفعل بوقتي ؟

لو تسألها عما تفعله في حياتها تقول جالسة في البيت !!!

فن إدارة الوقت

اغتنام الوقت في الأوقات الفاضلة

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.