يتجدد الجري اليومي وراء الصغار بالشطائر، وتتكرر نظرات اللوم والتعنيف كل يوم حين يعودون بأكياس الطعام من المدرسة كما هي، وتشعر الأم بأن ابنها شاحب رغم أنه يأكل اللحم كل يوم، وتشكو أخري من قلة تركيز ابنتها وتتحسر قائلة: لو كانت تأكل لحما يوميا لا نصلح حالها !
وبدأت الدراسة ومعها معاناة طعام التلاميذ صغارا وكبارا، ماذا يأكلون؟ وبأية كميات؟ وهل من الضروري أن تكون الأسرة ثرية لتقدم لأبنائها طعام ا صحي ا أم أن العبرة بالثقافة والوعي الغذائي وليس درجة الثراء؟
نيابة عن كل أم نحاور حول هذه التساؤلات وغيرها د. فوزي الشوبكي – أستاذ التغذية بالمركز القومي المصري للبحوث.
في البداية ينفي د. فوزي الشوبكي ارتباط الغذاء السليم بالثراء مؤكد ا أن وعي الأم هو المحك، فلكل مرحلة عمرية متطلباتها الغذائية.
همسات غذائية لكل أم
الطفل الذي اعتاد طوال الأجازة علي أن يفطر بالشيبسي ويتغدي بالهامبورجر ويتعشي الجيلاتي والبسكوت سيكون متعبا للغاية لك حين يبدأ العام الدراسي، ويكون مطلوبا منه أن يتناول غذاء صحيا وسليما ومنزليا.
قطعة جبن قريش وخيارة وثمرة طماطم، وقرص طعمية وكوب قرفة باللبن أفضل وأرخص في إفطار الطفل من ساندوتش هامبورجر أو لانشون وعلبة عصير جاهزة ومخللات.
مقصف المدرسة عدو غذائي لطفلك، فهو يفضل ما يشتريه منه علي ما تعطينه له ليأكله في الفسحة.
فلا تبالغي في إعطاء طفلك مصروفا كبيرا ولا تحرميه منه تماما، وازني وحاولي الاتفاق مع طفلك علي حدود علاقته بالمقصف.
العشاء متأخرا يعني أن الطفل سيستيقظ غير جائع، ومن ثم لن يقبل علي الإفطار وسيخسر طاقة اليوم كله ذهنيا وحركيا، فبكري وجبة العشاء لتضمني إقبال طفلك علي الإفطار بشهية مفتوحة.
ويشير إلي أهمية التغذية في فترة الطفولة، حيث إنها تحدد صحة الإنسان علي المدي الطويل، وصحته هنا المقصود بها البدنية والذهنية، والذهنية مهمة جدا، حيث إن الأداء الذهني أصبح هو السائد في عصرنا هذا، والحالة الصحية تلعب دورا كبيرا في تحريك هذا الأداء الذهني، وبالتالي لابد أن تكون الأم علي وعي كامل بما يحقق الصحة الذهنية للطفل.
ليس باللحوم فقط
وبصورة عامة فإن أكل اللحوم بكثرة ليس أساسا للتغذية السليمة، ولكن هناك شروطا للغذاء يحددها د. الشوبكي في: احتواء الوجبة الغذائية علي كل العناصر الغذائية وهي خمسة عناصر: البروتينات التي تبني أنسجة الجسم وتوجد في المصادر الحيوانية والنباتية، ومن مصادرها النباتية البقوليات مثل: (الفول، العدس، الفاصوليا..).
والمواد السكرية والنشوية والتي تولد الطاقة وتجعل الإنسان يتحرك ويقوم بالعمليات الحيوية، ونحتاج للمواد الدهنية لأنها تولد الطاقة أكثر من المواد السكرية، حيث إن الجرام من السكر عندما يحترق يولد 4 سعر حراري، أما جرام الدهون فيولد 9 سعر حراري.
وتحتوي المواد الدهنية أيضا علي الفيتامينات الذائبة في الدهون، وهذه لها وظائف مهمة وحيوية جدا مثل: فيتامين (أ) وفيتامين (د)، كما تحتوي أيضا علي الأحماض الدهنية وهي الأساس في تكوين الهرمونات.
ويؤكد الدكتور الشوبكي أهمية الفيتامينات والمعادن، فبدونها يصاب الإنسان بالعديد من الأمراض، وتلعب الفيتامينات دورا كبيرا في العمليات الحيوية داخل الجسم.
أمراض مبكرة – أطعمة كثيرة
– وحول مدي وجود مقنن يومي لهذه المواد الغذائية التي يجب أن يتناولها الطفل يقول الدكتور فوزي الشوبكي: هذه المواد الغذائية لاتدخل الجسم هكذا بأي كميات، فالطفل مثلا يحتاج من 900 إلي 1400 سعر إذن تقسم هذه الكمية كالتالي: حوالي من 50 : 60% من هذه السعرات يحصل عليها من المواد السكرية والنشوية، من البروتينات 10 : 15%، المواد الدهنية 10 : 15%، الفيتامينات والمعادن ومعها الألياف 5%، فهذه مواد سيليلوز لا تهضم ولكنها مهمة لتنظيم حركة القولون، ومهمة للامتصاص الزائد من المواد الدهنية.
وهذه النسب مهمة جدا كشرط من شروط التغذية السليمة.
وعلي الأم أن تقدم هذه المواد للطفل باعتدال؛ لأن الزيادة أو النقص يؤديان إلي تعقيدات وإلي مشاكل صحية، فالنقص يصيب بسوء التغذية والزيادة يمكن أن تصيبه بالسمنة وأمراض كثيرة منها: تصلب الشرايين المبكر وأمراض الكبد والجهاز الهضمي.
فالمسألة ليست مسألة أكل والسلام ولكنها تغذية سليمة وليست العبرة بكم أكل الطفل ولكن بماذا أكل؟ وخاصة في الفترة الأولي من عمر الطفل، فلابد أن تعود الأم طفلها علي نظام معين في الأكل يتسم بالتنوع والاحتواء علي العناصر الغذائية، ويناسب صحته ونشاطه؛ لأن هناك اختلافا بين طفل وآخر، فهناك طفل يمارس رياضة، وهذا يحتاج إلي عدد كبير من السعرات الحرارية، وطفل آخر لايمارس أي أنواع النشاط وهذا يحتاج إلي سعرات حرارية أقل كي لايزيد وزنه، إذن علي الأم أن تراعي ذلك عند تقديم الطعام للطفل.
مشروبات ساخنة
* مادام البروتين ليس لحما فقط فكيف تمنح الأم طفلها احتياجاته من البروتين؟
– يقول الدكتور فوزي: إن لكل كيلو جرام من وزن الطفل جرام من البروتين، فإذا كان وزن الطفل 40 كيلو جراما يأكل من 40 : 60 جراما، وليس معني أنني أعطيته 60 جرام لحم أنني أعطيته 60 جرام بروتين.
فاللحم يحتوي علي 20% بروتين والباقي عناصر أخري، والمهم توزيع هذه الكمية علي الوجبات الثلاث، فيمكن أن يكون البروتين هذا من في لبن وفول الإفطار، وعدس الغداء، وجبن العشاء، فهذه المصادر تجمع في النهاية من 40 : 60 جرام ا بروتين، ويحتاج من 30 : 40 جرام مواد دهنية مثل الزيت.
أما الفيتامينات والمعادن فتوجد في الخضراوات، فلو حرصت الأم أن يتناول الطفل 3 مرات ثمرة فاكهة في اليوم وعلي الأقل طبق سلاطة متنوعة كان هذا كافيا لمده باحتياجاته من الفيتامينات.
ويشير الدكتور الشوبكي أنه علي الأم أن تقدم الفاكهة أو الخضراوات للطفل بأي شكل يريده، فنحن ننصح بأن تؤكل الفاكهة كما هي.
ولكن إذا لم يقبلها الطفل كما هي فعليها عصرها، وإن لم يقبل تدخلها في أطعمة أخري يقبل عليها الطفل كالمهلبية والكيك والكمبوت.
– هل هناك عناصر غذائية لها قيمة ولكن تغفلها الأم؟
– يجيب الدكتور الشوبكي: إن هناك بعض الأطعمة الغنية ببعض الفيتامينات مثل: فيتامين (أ) الموجود في الجزر الذي يحتوي علي مادة البيتاكارورتين، البطاطا تحتوي علي هذه المادة، والكبدة غنية بهذا الفيتامين.
أيضا فيتامين (ج) موجود في البرتقال والجوافة والليمون والفلفل الأخضر، ومجموعة فيتامين (ب) المركبة توجد في الحبوب الكاملة مثل: البليلة والخميرة.
وفي النهاية يؤكد الدكتور الشوبكي أهمية وجبة الإفطار للطفل حيث إنه طوال الليل لم يتناول طعاما إذن عليها تقديم أي مشروبات ساخنة محلاة بالعسل أو السكر ما عدا الشاي، مع فول الطفل ويمكن تقديم بليلة لما لها من أهمية كبيرة في زيادة قوة تركيز الطفل مع ثمرة فاكهة أو خيار أو طماطم أو خس أو جزر، وعلي الأم أن تلاحظ أي تغيير في نمو طفلها أو أي شيء يظهر علي وجهه، فربما يكون ذلك نتيجة نقص فيتامين معين وفي هذه الحالة عليها الذهاب للطبيب مباشرة