

يبدأ الزوجان حياتهما معا كعصفورين جميلين
يتبادلان المشاعر و الغزل الرقيق
هي تتكلم بالهمس و تتحرك بنعومة الفراشات
و هو يفيض بالحب و الحنان و الغيرة على المحبوبه الغالية
يخوضان الحياة بمراحلها المختلفة متخطيان الحواجز و الصعاب
لكن هناك حواجز يتخطيانها وهم لا يشعران
و بعد اجتيازها يندمان أشد الندم
و سأشرح لكم أي نوع من الحواجز هي تكون ..

في المرحلة الأولى من الزواج .. إذا حدث خلاف بسيط بين الزوجين
قد يصدر من الزوج تصرف غير مقبول أو كلمة في غير محلها
فتبكي هي .. و تنزوي في غرفتها .. إنها حزينة غاضبة
و لكن رغبتها قوية في أن ياتي ليصالحها
و فعلا بعد وقت قصير يأتي هو و يراضيها .. فترضى بسرعة
و تنتهي المشكلة
::
تمر الأيام و تطول العشرة قليلا ..
و إذا بخلاف جديد يحدث لكنه جوهري أكثر من سابقه
يحتد الزوج و هو يعبر عن رأيه .. و يرتفع صوته
فتقف هي مذهولة .. كيف يتحدث معها بهذه الطريقة
تغضب غضبا شديدا .. و تغلق باب الغرفة على نفسها و بداخلها إصرار على عدم قبول الصلح مهما كان
فقد أهان كرامتها وهي لا و لن تسمح بذلك
يخرج الزوج من البيت .. ثم يعود و هو أفضل حالا
يبدأ في التودد اليها .. تتدلل قليلا .. ثم ترضى و تعود المياه لمجاريها

تمتد الأيام أكثر و أكثر .. و تذوب الفوارق بين الزوجين
فيحدث خلاف شديد ــ كما تعلمون الحياة لا تصفو لأحد
و إذا بالزوج يعبر عن رأيه و اعتراضه بأعلى صوت
ينتقدها .. و يقلل من شأنها .. تشعر هي أنها لا شيء
فقد قالها صراحة .. أنه أخطأ يوم تزوج بها
لقد قفز الحاجز الأول بنجاح
::
لا تعرف ماذا تفعل
هل ترد عليه بمثل .. هل تترك له البيت و ترحل
أم تغضب مثل كل مرة و تنتظر الصلح
أفكار تتضارب في رأسها .. حتى تهتدي للبقاء في بيتها
لكن مع إبداء الزعل الشديد منه و تأخذ قرارا قويا بأن لا تكلمه لعدة أيام
حتى يعرف خطأه في حقها .. و يعتذر عن ذنبه
و يحدث ذلك بالفعل

ثم تأتي الأيام مجددا بمشاكلها و منغصاتها .. ليقع خلاف جديد
هذه المرة .. يكون الصوت المرتفع و الإنتقادات أمر عاديا فقد قفز الزوج هذا الحاجز سابقا
و لابد من إضافة ..
فيبدأ في سبها و التطاول عليها
انها في غاية الذهول ..ما الذي يحدث
و كيف وصلت به الجرأة ان يهينها هكذا
هل كل مرة ستقف ساكته عليه و على اهانته لها ..؟؟
لا و ألف لالالالا .. فتقرر أن تضع له حدا يوقفه عن تماديه في حقها
و بالفعل .. ترفع هي الأخرى صوتها و تجيبه بنفس الطريقة ..تهينه و تقلل من شأنه
و تذكره بكل ما مضى … و بأنها لن تبقى صامتة طول عمرها
هو يرى ذلك فيزداد غيظه و يفقد اعصابه و إذا به يضربها بلا وعي و لا تفكير
ما شاء الله
لقد قفزت هي أول حاجز ..أما هو فقد قفز الحاجز الثاني بنجاح
..إنه الشيطان لعنة الله عليه
و لكن نحن من سمحنا له بأن يلعب بأفكارنا و ينسينا مبادئنا

و تستمر الحياة بحلوها و مرها .. تارة في ود ووئام و تارة في شقاق و نحار
و مع الأيام يجد الزوج نفسه غير آبه بمشاعر زوجته ..فهي ند له في كل شيء
فقدت انوثتها و اصبحت رجلا مثلها مثله
فيعطيها بلا رحمة من الكلام الجارح و الألفاظ النابية
و هي بدورها لا تسكت ..إنها فهمت قوانين اللعبة و قفزت حواجز الخجل و الإحترام
فأصبحت تكيل له بنفس المكيال
و أحيانا يكون صوتها أعلى من صوته ..هي ترى أنها لابد أن تكون هكذا …
حتى تضعه عند حده و تثبت له إنها موجودة ..
و أنها ليست لقمة سائغة يلتهمها بعصبيته و حدة طباعه
أما هو فلم يعد يكتفي بسبها وحدها ..لقد قفز هذا الحاجز منذ زمن
و عليه أن ينتقل للحاجز التالي
فيبدأ في سب أهلها و كل من تعرفهم … لا إله الا الله
هي تشتاط غيظا فترد عليه و تسب أهله و تعايره بتصرفاتهم و مواقفهم السابقة معها
تلك المواقف التي مرت عليها سنين و سنين ..
يتهمها زوجها بأن قلبها أسود و أنها منافقة كانت تنافق أهله طوال هذه المدة
و أنها و أنها … …
و هي ايضا تتهممه بأنه بلا قلب جاحد النعمة ..نسي كل ما فعلوه أهلها من أجله
و تذكره و تذكره …
تطلب الطلاق و هي في قمة الغضب .. متناسية كل جميل ربط بينهما
لا يأبه الزوج لكلامها … و يتصرف بكل برود كأنه لم يسمعها
تشعر باليأس فتبكي و تبكي .. و تعاتب و تنتقد …
وهو يرد بكل قسوة و جفاء
لا حول و لا قوة إلا بالله
لقد قفز الزوجين كل الحواجز .. فتحولا الى عدوين يعيشان تحت سقف واحد
يتصيد كل واحد منهما الخطأ للآخر
و ينتهز الفرص لكي يفرد عليه عضلاته

إنها الطامة بعينها .. أين العصفورين الذين دخلا القفص الذهبي ؟؟
أين المودة و الرحمة التي جعلها الله بينهما ؟؟
أين الإحترام المتبادل و الذي هو أهم بكثير من الحب و من أي مشاعر رومانسية أخرى ؟؟
إنتبهي … أيتها الزوجة
إنتبـــــه … أيها الــزوج
و لا تعتبران أن قفز هذه الحواجز إنتصار .. بل هو هزيمة ساحقة
هزيمة أمام الشيطان الذي يتبارا من أجل الإيقاع بنا في براثنه
و يقول للمولى القدير كما ورد في سورة الإسراء (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا * قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاَّ قَلِيلاً )
فالله سبحانه و تعالى كرمنا على إبليس
و هذا ما أثار غيظه فأخذ عهدا على نفسه أن يفسد علينا حياتنا و أن يقودنا الى الهلاك إلا قليلا
و من هم هؤلاء القليل ؟؟ إنهم عباد الله الذين ليس للشيطان عليهم سلطانا
قال تعالى
" قَالَ اذْهَبْ فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاء مَّوْفُورًا * وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا * إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلاً "
::
أنظروا إلى أين وصل الشيطان بهذين الزوجين
لقد افقدهما أجمل شيء جمع بينهما
و أحال حياتهما جحيم و صراعا .. يتنافس كلاهما على إثبات من الأقوى
ضاربين بكل القيم و الأخلاقيات عرض الحائط
و في النهاية تسأل هي : كيف وصلت مع زوجي الى هذه الحالة المزرية …
؟
و يسأل هو : أين زوجتي الرقيقة الناعمة التي لطالما أحببت ..
؟؟
و في الحقيقة .. الإجابة عند كل واحد منهما
::
عزيزتي الزوجة .. ماذا لو أنك تمسكت بأنوثتك و رقة مشاعرك و وقفت عند الحاجز الأول و رفضت اجتيازه
لكان زوجك هو الآخر توقف و لم يتمادى .. و تعامل معك بطريقة لطيفة ..
حتى إذا لم يتمالك نفسه يوما ما
حتما سيتراجع و يعتذر منك .. امام تمسكك بطيب أصلك و كرم أخلاقك و حسن تبعلك
و أنت ايها الزوج الكريم .. الرجولة ليست عصبية و فرد عضلات الرجولة هي حماية و احتواء
فتعلم كيف تكظم غيظك و تتفهم عقلية حواء و نفسيتها المتقلبة
احتويها بقلبك و حسن رعايتك .. و لا تدع للشيطان بينكما مكان
::

و الله يكتب السعادة وراحة البال لكافة أزواج المسلمين
