بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله
كلما قرأت سيرة عن الفاروق أو قصة شعرت بروحانية عجيبة , وكأنني أحلق في سماء العلم والتقوى
أحببت ان يشاركني القراء هذه المتعة مع سيرة الفاروق رضي الله عنه .
هو عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى . قرشي عدوي .
أمه حنتمة بنت هشام المخزومية ,أخت أبي جهل . أسلم في السنة السادسة من النبوة , وله سبع وعشرون سنة .
استشهد في أواخر ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين .
تخرج عمر من الجامعة المحمدية التي تدرس المناهج الربانية .
تخرج منها فقيها ً ورعا ً عالما ً تقيا ً
تخفف من الأعباء الدنيوية في حياته فخرج من الدنيا مثقلا ً بالحسنات والأجور .
كانت شخصية عمر من أعجب شخصيات الصحابة
صلابة عجيبة مع رقة غريبة !!
لا أدري كيف اجتمعت هاتان الصفتان فيه ؟
عن ابن عباس قال : لما ولي عمر قيل له : لقد كاد بعض الناس أن يحيد هذا الامر عنك ! قال : وما ذاك ؟ قال : يزعمون أنك فظ غليظ !
قال :الحمد لله الذي ملأ قلبي لهم رُحما , وملأ قلوبهم لي رعبا .
هذا هو عمر مزيج متجانس من الرحمة والغلظة .
كان ظاهره مندفعا , صارما , خشنا لكنه كان يخفي بين جنبيه نفسا ً أرق من الندى , وأعطر من العبير .
كان وقّافا عند حدود الله . ما راجعه أحد إلا استمع له . حتى المرأة راجعته فقال : أصابت امرأة وأخطأ عمر .
نعم ! أخطأ عمر . فالمهم عنده أن يظهر الحق . لا ان يصيب عمر أو يخطئ .
عمر مع حذيفة بن اليمان
حادثة عجيبة ! كم توقفت عندها ؟
أعلم الرسول عليه الصلاة والسلام حذيفة بن اليمان بأسماء المنافقين . وقال له : لا تخبر أحدا ً .
علم عمر . وعلم كل الصحابة .
إلا أن عمر كان شيئا آخر .
فلن يهدأ له بال
ولن تسكن له نفس
حتى يعلم : هل ذكره رسول الله بين المنافقين !
سأل حذيفة فلم يجبه
ناشده : ناشدتك الله ! هل ذكرني رسول الله ؟
حذيفة لا يجيب
سبحان الله ّ ! لماذا هذا الإلحاح ؟
كان قلبه يشتعل نارا ً وهو يقول : خسئتَ ياعمر لو كنت َ منهم !
أين تذهب من عمر يا حذيفة ؟
ظل عمر يلاحق حذيفة ويحاصره . هل ذكرني رسول الله معهم ؟ حتى قال له : اللهم لا ! ولا أقولها لأحد بعدك .
عنها هدأت نفسه
لماذا كل هذا الخوف يا أمير المؤمنين ؟؟؟
يأتينا الجواب سريعا ً
أنه كلما ارتقى الإنسان في سلم الإيمان واليقين
كلما ازداد اتهامه لنفسه !
لله درك ياعمر !!
تخشى النفاق ؟؟؟؟؟
أما نحن فلا نخشاه !
لأنه أصبح قطعة منا ! ألفناه وألفنا .
عاش فينا فتعايشنا معه .
وما عدنا نحتاج لاتهام أنفسنا
فسلالم الإيمان واليقين عندنا اهترأت وطاحت !!
أين أنت يا عمـرُ ؟
إنا إليك نفتـقـــرُ !
كانت الخلافة لعمر مغرما
وما كانت يوما له مغنما
كانت حملا ً ,, وهما ً,, وعبئا .
يمشي بالليل والنهار في مصالح المسلمين , فما كان يجد وقتا ليرتاح .
روى الصحابة أن عمر كان لا ينام . وإنما يغفو إغفاءة الطير . فإن نام في النهار ضيع رعيته ,, وإن نام في الليل ضيع نفسه .
هذه هي الخلافة عند عمر : نكد وشقاء وتعب وحساب !!!!
أخذ نبتة من الارض فقال :
يا ليتني هذه النبتة !
ليتني لم أك شيئا !
ليت أمي لم تلدني !
ترى !!!! كم حاكم عندنا قال هذه العبارة ؟؟؟
قال معاوية :
أما أبو بكر فلم يرد الدنيا ولم ترده
وأما عمر فأرادته الدنيا ولم يردها .
وأما نحن فتمرغنا فيها ظهرا ًلبطن !!!!
كان يتمتع بنفس معاتبة , شفافة , لوامة .. لم تترك له فسحة ليرتاح
في أحد مواسم الحج كان كعادته : يعس بين الناس , ويمشي بينهم في الطرقات يوجههم , وبيده الدرة يلوح بها
كان في طريقه رجل هو والد إياس بن سلمة . يبدو أن عمر كان مسرعا فأهوى بالدرة على طرف ثوب الرجل . وقال له : تنح عن الطريق .
عاد عمر إلى بيته وأعاد شريط نهاره وتذكر فعلته بالرجل فارتجف خوفا , وأخذ يؤنب نفسه .
عاد في اليوم الثاني يبحث عن الرجل فما وجده .
في موسم الحج الثاني بحث عنه فوجده , فركض إليه , وأكرمه , وأخذه إلى منزله , واعتذر منه . والرجل لا يقول شيئا ً . سأله أن يسامحه على ما فعل ..
فقال الرجل قولة عجيبة : قال :
ولكني يا أمير المؤمنين ماذكرتها !!!!!!!
قال عمر : وأنا !! ما نسيتها !
أي مدرسة محمدية خرجت أولئك الناس ؟
الرجل : ماذكرتها
أمير المؤمنين : ما نسيتها
والله لو عشنا حياتنا على مبدأ : ماذكرتها وما نسيتها لما صار هناك طلاق,, ولا خصام ,,ولا جدل ولا نقاش , ولا احتقان ,,ولا أحقاد .
رضي الله عنه
كان شديد التواضع
ما رآه الشيطان إلا هرب منه , وسلك طريقا غير طريقه .
ومع ذلك كان يقول :
اللهم إني ضعيف فقوني
كان يحمل نصف ماله إلى رسول الله للصدقة
ومع ذلك كان يقول :
اللهم إني شحيح فسخني .
دخل بيت المقدس بلباس مرقع .. ماشيا .. يجر حمارا يركبه غلام ……. وكان القادة يتمنون أن يدخل في غير هذه الهيئة لتحصل له الهيبة في قلوب النصارى
إلا أنه أبى , فقد كان يحلق في آفاق عمرية لم يدركوها .
عندما رآه نصارى بيت المقدس هتفوا إنه هو هو
فقد كانت صفته عندهم مذكورة بالتفاصيل كهيئته تماما عندما دخل .
رضي الله عنه . كان يتمتع بالفراسة وكأن الحجب قد كشفت عنه .
فقد أبى أن يصلي في الكنيسة حتى لا تكون ذريعة لأحد لأخذ الكنيسة بحجة أن عمر صلى بها
وحتى أبى أن يصلي على درجها .
تجلت فراسته عندما كان يمنع الغلمان المستقدمين أن يأتوا إلى المدينة . ويراهم شرا على المسلمين
استأذنه المغيرة بن شعبة في استقدام عامل مجوسي نجار وحداد وووووو فأذن له على مضض فكان ان اغتال ذلك الغلام عمر . قبل وفاته قال لابن عباس : كنت أنت وأبوك تحبان أن يأتي العلوج إلى المدينة !!!!
بلغت به التقوى أنه يقول :
كنا نترك تسعة أعشار الحلال خشية الوقوع في الحرام .
فكان أن كافأه الله بجنان الفردوس .
قال أبو هريرة : قال الرسول صلى الله عليه وسلم : بينا انا نائم رأيتني في الجنة , فإذا امرأة توضأ إلى جانب قصر فقلت : لمن هذا القصر ؟ قالوا : لعمر .
فذكرتُ غيرة عمر فوليتُ مدبرا ً .
فبكى عمر . وقال : بأبي انت يارسول الله ! أعليك أغار ؟
هذا هو عمر
أحد العشرة المبشرين بالجنة
إنه الفاروق … فرق الله بإسلامه بين الحق والباطل .
أعز الله به الإسلام
أحب رجلين إلى رسول االه .
قال من أحب الناس إليك ؟ قال : عائشة !
قال : فمن الرجال ؟ قال : أبوها
قال : ثم من ؟ قال : عمر .
ومع ذلك فهناك من يشتم أبا بكر وعمر . !
قال سفيان الثوري :
من زعم ان عليا ً كان أحق بالولاية من أبي بكر وعمر فقد خطّأ أبا بكر وعمر والمهاجرين والانصار .
وقال شريك : ليس يقدم عليا ً على أبي بكر وعمر أحدٌ فيه خير .
قال الحسن بن صالح بن حي : سمعت جعفر بن محمد الصادق يقول :
أنا بريء ممن ذكر أبا بكر وعمر إلا بخير .
:::::::::::::::::::::::::::::
اللهم إني أبرأ إليك من كل من شتم أبا بكر وعمر
وأتقرب إليك ربي بسيرتهما
فإني أعلم أنك تحبهما .
::::::::::::::::::::::::::::
أسأل الله :
لي الأجر
ولكم النفع .