فرأى بعين الرضا كل أمر هو خير فلم يجزع لقضاء أو قلة رزقٍ
علم أن ما أصابه لم يكن ليخطأه وما أخطأه لم يكن ليصيبه فسعدت روحه
وكسبت رضا خالقها وكانت مستقراً لها جنات عدن
وكان حقاً على الله أن يناديها عندما تعود إليه فرحة بلقائه
يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي"الفجر
"عن سعد بن أبي وقاص قلت : يا رسول الله أي الناس أشد بلاء قال : الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل من الناس يبتلى الرجل على حسب دينه فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه وإن كان في دينه رقة خفف عنه وما يزال البلاء بالعبد حتى يمشي على ظهر الأرض ليس عليه خطيئة "
مسند أحمد – خلاصة الدرجة: إسناده صحيح
إن عظم الجزاء من عظم البلاء ، وإن الله إذا أحب قوما ابتلاهم ، فمن رضي فله الرضا ، ومن سخط فله السخط
وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)
البقرة
وقال بعض السلف : ذروا التدبير والاختيار تكونوا في طيب من العيش فإن التدبير والاختيار يكدر على الناس عيشهم
وقال أبو العباس بن عطاء : الفرح في تدبير الله لنا والشقاء كله في تدبيرنا
وقيل : الراضي من لم يندم على فائت من الدنيا ولم يتأسف عليها
ولله در القائل :
العبد ذو ضجر والرب ذو قدر والدهر ذو دول والرزق مقسوم
والخير أجمع فيما اختار خالقنا وفي اختيار سواه اللوم والشوم
قال عمر بن عبد العزيز لقد تركنا هؤلاء الدعوات ومالي في شئ من الأمور كلها أرب إلا في مواقع قدر الله وكان كثيرا ما يدعو اللهم رضني بقضائك وبارك لي في قدرك حتى لا أحب تعجيل شئ أخرته ولا تأخير شئ عجلته
وقال أصبحت ومالي سروراً إلا في مواقع القدر
وقال بعض السلف : لو قرض لحمى بالمقاريض كان أحب إلي من أن أقول لشيء قضاه الله : ليته لم يقضه …
نختم بشرح هذه الآية الكريمة من ظلال سيد قطب رحمه الله
ورضي الله عنهم هو الرضى الذي تتبعه المثوبة وهو في ذاته أعلى وأكرم مثوبة ورضاهم عن الله هو الإطمئنان إليه سبحانه والثقة بقدره وحسن الظن بقضائه والشكر على نعمائه والصبر على ابتلائه ولكن التعبير بالرضا هنا وهناك يشيع جو الرضى الشامل الغامر المتبادل الوافر الوارد والصادر بين الله سبحانه وهذه الصفوة المختارة من عباده ويرفع من شأن هذه الصفوة من البشر حتى ليبادلون ربهم الرضى وهو ربهم الأعلى وهم عبيده المخلوقون وهو حال وشأن وجو لا تملك الألفاظ البشرية أن تعبر عنه ولكن يتنسم ويستشرف ويستجلي من خلال النص القرآني بالروح المتطلع والقلب المتفتح والحس الموصول ذلك حالهم الدائم مع ربهم رضي الله عنهم ورضوا عنه وهناك تنتظرهم علامة الرضى : وأعد لهم جناتِ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك الفوز العظيم
وأي فوز بعد هذا وذلك عظيم ؟؟