زمن العقوق
د. صلاح الخالدي
عقوق الابناء للآباء والامهات ظاهرة بارزة في هذا الزمن ومنتشرة في مختلف بقاع العالم ، العالم الغربي والعالم العربي، في بلاد الكافرين وبلاد المسلمين، ولا يكاد يسلم من هذه الظاهرة المرضية الخطيرة الا افراد قلائل من الصالحين والصالحات الذين منّ الله عليهم بالبر والحنان والرضى فكانوا ذوي بر ورحمة بوالديهم.
وعقوق الابناء لآبائهم من الكفار امر يمكن تفسيره مع أنه خطأ كبير لكن الامر الذي لايمكن تفسيره هو عقوق الابناء المسلمين لآبائهم المسلمين رغم توجيهات الاسلام لهم بالبر بآبائهم هذه التوجيهات المتمثلة في آيات القرآن واحاديث رسول الله صى الله عليه وسلم.
تجلس مع آباء وامهات طاعنين في السن، فتسمع منهم قصصاً واخباراً مزعجة عن عقوق وتجاهل ابنائهم لهم، رغم ما قدموا لهؤلاء الابناء من خدمات وتضحيات، بحيث اوقفوا حياتهم واعمارهم واموالهم لاسعاد الابناء وتعليمهم وتأمين مصالحهم.
وتذهب الى دور المسنين فترى فيها نماذج بشرية لآباء وامهات بلغوا سن الشيخوخة وحولهم عقوق وتجاهل ابنائهم الى نفوس بائسة محطمة حزينة مكتئبة وتسمع منهم ما لا يكاد يصدق من ذلك.
الذي دعاني الى استحضار هذه المعاني ما قرأته قبل يومين في جريدة اردنية يومية عن خبرين مثيرين عجيبين حدثا في بلادنا، وهذان الخبران نموذجان للعقوق يحدث مثلهما الكثير، والمخفي اعظم.
فتاة مراهقة طائشة، دون العشرين من عمرها، اغواها الشيطان، وزين لها المعاصي والفواحش، واستاء والدها من تصرفاتها، فنهاها وزجرها، ولكنها عادت في انحرافها، واعتبرت والدها عقبة في طريقها امام شهواتها، وتعرفت على ذئب من الذئاب البشرية في «كوفي شوب» وما ادراك ما يحدث في داخل تلك المقاهي من مآس، وما يترتب على اللقاء فيها من موبقات واتفقت مع ذلك الذئب على التخلص من والدها بالقتل! وتخلت تلك الفتاة الطائشة عن انسانيتها، واخذت المسحوق السام الذي قدمه لها الذئب، ومزجته لابيها مع كأس من الشراب، وشرب الاب السم من يد ابنته ولفظ انفاسه قبل وصوله المستشفى، وقدمت الفتاة والذئب الى المحاكمة.
هذه الحادثة لم تقع في شيكاغو، ولا في تل ابيب، وانما حصلت هنا في الاردن! وهي نذير خطر لما ينتظر الاخلاق والاسر والروابط عندنا من اخطار مدمرة!
والخبر الثاني حدث في عمان ايضاً، ام عجوز، جاوزت الثمانين سنة من عمرها، مات زوجها قبل فترة، وكبر اولادها، وصاروا رجالاً، وانشأ كل منهم اسرة، له فيها زوجة واولاد وأمّن مستقبله، ولم يستطع احد من ابنائها الكبار ايواءها عنده، وضمها الى عائلته، واصبحت هذه الام غير مرغوب فيها عند ابنائها وزوجاتهم وابنائهم، نبذوها وتجاهلوها.. فاضطرت ان تعيش لوحدها، تجتر آلامها وهمومها في وحدتها، وهي العجوز المحتاجة لمن يخدمها ويواسيها ولكن لا تجد احداً، وفي رمضان كانت تصوم وحدها، وتعد طعامها بنفسها.. وجاءها الاجل في رمضان، وقبض الله روحها واراحها من عقوق ابنائها.. ومضت ايام على موتها وتعفنت جثتها في عمان، وخرجت رائحتها! وفي يوم العيد جاء ابناؤها ليمارسوا «النفاق الاجتماعي» الكاذب ويجلسوا معها دقائق للمعايدة.. وطرقوا الباب.. ثم خلعوه، ليجدوا امهم جثة هامدة، ماتت قبل ايام عديدة.. ان زمننا زمن العقوق! ايها الابن: اعمل ما شئت، برَّ او عُقّ، لكن لا تنس: كما تدين تدان..نسأل الله العافيه ..نقلا عن الأخ عمران ..منتدى المجالس…وتقبلوا تحياتي..اختكم غزاله
——————
اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على طاعتك